للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهكذا تعرف الألفاظ. والفعل هو» معنى زائد عليه زمن «كقولنا: أكل؛ فهي تعني تناول إنسان طعاماً في زمن ماضٍ، وهكذا نفهم قولنا:» كان «. فإن قلنا:» كان «بمعنى حدوث شيء في الماضي، كقولنا» كان زيد مسافراً «فهي ناقصة. وفي ضوء هذا نفهم قول الحق: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] .

فإن أردت الوجود فقط من غير شيء جديد طارئ عليه، فالفعل يكون تاماً لا يحتاج إلى خبر.

وإن أردت الوجود مع أي شيء آخر فهو الفعل الناقص الذي تكمله بخبر. مثل قوله تعالى: {وحسبوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ} أي ألا توجد فتنة، فهي لا تحتاج إلى خبر.

وكان مثل بني إسرائيل كمثل التلميذ الذي يذهب إلى المدرسة ولا يعلم أن فيها اختباراً آخر العام فيُمضي الوقَت في تحصيل ولا جد ولا اجتهاد بل في لهو ولعب، وكان هذا حسباناً خاطئاً؛ لأن المنهج لم يأت اعتباطاً، ولكنه جاء كنظام حركة للحياة ليعمله المؤمن. وكان المفروض أن يستقبلوا المنهج على حسب تعاليم المنهج. ومن العجيب أنهم ظنوا ولم يحسبوا بالحساب على الرغم من أنهم أهل علم بالحساب، فهم حسبوا - بكسر السين - وما حسبوا - بفتح السين - وكان المفروض أن يقوموا بالحساب، فالحساب هو الذي يضمن صحة المسائل.

وكل شيء عند الله يكون بالحساب، حساب للعبد وحساب على العبد. {وحسبوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ} أي ظنوا أنها ليست اختباراً. وظنوا أن الرسالات والمناهج هي مسألة لا اختبار لهم فيها، فلما عرفوا تعاموا عن ذلك وصموا آذانهم عنه. ونعلم أن وسائل الإدراك في النفس البشرية هي السمع والأَبْصار والأفئدة: {والله أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السمع والأبصار والأفئدة لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: ٧٨] .

<<  <  ج: ص:  >  >>