بعده فسخر الله له الريح وسخر له الجن يفعلون له ما يشاء. وكان سليمان يعطي الدقيق النقي للعبيد ليستمتعوا بالطيبات، ويأكل هو ما تبقى من نخالة الدقيق، وكان ذلك دليلاً من الله أن هذه المناهج ليست لصالح نبي، ولكن كل نبي إنما يريد بالمنهج صالحَ من أُرسل إليهم.
وكانت مقاومة أهل الكتاب لنبي الله داود، وكيف أنهم اعتدوا في يوم السبت فدعا عليهم داود عليه السلام فمسخهم الحق قردة، ولعنهم في الزبور، وكذلك قالوا الإفك في مريم البتول ولعنهم الله في الإنجيل، ولم يكن اللعن إلا بناءً على ما فعلوا؛ لذلك يذيل الحق الآية بالقول:{ذلك بِمَا عَصَوْا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} .
والعصيان - كما نعلم - هو العصيان في ذات الإنسان وفي أموره الخاصة التي لا تتعدى إلى الغير، أما الاعتداء فهو أيضاً معصية ولكنها متعدية إلى الغير. مثال ذلك: الحاقد إنما يعاقب نفسه، أما السارق أو المرتشي فهو يضر بغيره. إذن فهناك معصية وهناك عدوان، المعصية تعود على صاحبها دون أن تتعدى إلى الغير، أما العدوان فهو أخذ حق من الغير للنفس، وضرر يرتكبه الفرد فينتقل أثرة إلى الغير.
ويقول الحق من بعد ذلك:{كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ... }