ونجد الحق يشرع لنا ذلك في قصة سيدنا موسى على السحرة، فألقى موسى عليه السلام عصاه، ورآها السحرة حية، والساحر ينظر إلى الشيء الذي تم سحره فيراه على حقيقته وصورته الأصلية، أما المسحورون بالرؤية فهم الذين يرون الشكل المراد لهم رؤيته. ورأى السحرة حبالهم مجرد حبال؛ وعصا موسى هي التي صارت حية.
هنا عرفوا أنها مسألة أخرى فماذا قالوا؟ :{قَالُواْ آمَنَّا بِرَبِّ العالمين رَبِّ موسى وَهَارُونَ}[الشعراء: ٤٧ - ٤٨] .
لقد عرفوا أن هذا أمر خارج عن نطاق البشرية. إذن فما كان من أمر السحرة تجاه قوم فرعون هو تخييل للنظر:{يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تسعى}[طه: ٦٦] .
وقال الحق:{سحروا أَعْيُنَ الناس}[الأعراف: ١١٦] .
أما موسى عليه السلام فحين ألقى العصا أول مرة ووجدها حية خاف لأنه رأى في ذلك قلباً للحقيقة. أما عند السحرة فليست حبالهم حيات حقيقية ولكنها سحر لأعين الناس أي تخيل للناظر. ومثال آخر هو سيدنا سليمان عندما أرسل لبلقيس ملكة سبأ. وجاء رسوله يقول لها:{أَلاَّ تَعْلُواْ عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ}[النمل: ٣١] .
فماذا قالت لحاشيتها من رجال القتال؟ :{مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حتى تَشْهَدُونِ}[النمل: ٣٢] .
وهنا عرفت الحاشية أن المسألة تتطلب رأياً سياسياً؛ فقالوا: