إذن فاللغو هو مرور كلمة اللسان دون أن تمر علة القلب، وضربنا مثلاً على ذلك وهو دعاء الأم على وحيدها.
ونحن نرى أن هناك ألفاظاً كثيرة تمر على ألسنة قد تؤدي إلى الكفر ولكن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ المبلغ عن الله يضع لنا صدق النية فيقول:«» أخطأ من شدة الفرح «. قالها رسول الله تعليقاً على رجل قال:» اللهم أنت عبدي وأنا ربك «» .
هذا هو اللغو ومن رحمة الله بنا أنه يعفو بعميق وواسع رحمته فيقول لنا:{لاَ يُؤَاخِذُكُمُ الله باللغو في أَيْمَانِكُمْ ولكن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأيمان} . وكلمة «عقدتم» دليل على أن اللسان لم يعقد شيئاً فحسب ولكن عقده بإحكام قوي. فساعة تبالغ في الحدث فأنت تأتي له باللفظ الذي يدل على المعنى تماماً بتمكين وتثبيت. وعلى ذلك فكلمة «عقَّد» غير «عَقَدَ» إذن فكلمة «عقَّد» أي أن الإنسان قد صنع عقدة محكمة. ومثال على التأكيد قول الحق سبحانه وتعالى:{وَغَلَّقَتِ الأبواب}[يوسف: ٢٣] .
قد يقول قائل: ألم يكن يكفي أن يقول الحق سبحانه: «وغلقت الأبواب» ؟ ونقول: لا إن الحق قد أتى بالفعل الذي يؤكد إحكام الإغلاق. فإغلاق الأبواب يختلف من درجة إلى أخرى؛ فهناك غلق للباب بلسان «طبلة» الباب؛ وهناك غلق بالمزلاج، وقوله الحق:{وَغَلَّقَتِ الأبواب} أي أن امرأة العزيز بالغت في غلق الأبواب. وكذلك قوله الحق:{عَقَّدتُّمُ الأيمان} . أي جالت في قلوبكم جولة تُثبِّت صدق نيتكم في الحلف. وهناك صورة أدائية أخرى تلتقي مع هذه الصورة في المعنى، حين قال سبحانه:{لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ الله باللغو في أَيْمَانِكُمْ ولكن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ والله غَفُورٌ حَلِيمٌ}[البقرة: ٢٢٥] .
ونلحظ هنا أن القلوب قد كسبت، فما الذي تكسبه القلوب في مثل هذه الحالة؟ نعرف أن الكسب هو وجود حصيلة فوق رأس المال. والكسب الزائد في القسم،