والمثال الذي لا أمل من تكراره هو التلميذ الذي يكد لمدة عشرين عاماً فهو يتخرج إنساناً له مكانة لائقة، أما التلميذ الذي يقضي عشرين عاماً في اللعب واللهو فهو يتلقى وينال مستقبلا فاشلا مؤلما. إذن، على كل منا أن يقدر النفعية بديمومتها، ولا يغتر بكثرة الخبيث.
والمثال يتكرر في حياتنا ولا بد أن نضعه أمام أعيننا لنرعى الله ولا ننساق كما ينساق كثير من الناس إلى هلاكهم، فبعض الناس لا يرتضون قسمة الله في مواريثهم، فيعطي بعضُهم للذكور ولا يعطي للإناث. أو يقلل من نصيب الإناث. ونقول لمن يفعل ذلك: أنت لا تعلم ماذا تفعل. ولو أن ابنك الذكر يعلم أن يد الله في الأشياء لقال لك: ارحمني ولا تزدني؛ لأن الحق سبحانه وتعالى قال:{آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً}[النساء: ١١] .
ولذلك يجب أن ينتبه الناس إلى أن قسمة الله هي أعدل قسمة، وإياك أن تظلم ابناً لك أو قريباً بزيادة فوق ما قدره الله له؛ لأن هذا عين الظلم. فإن فاتت على المورِّث وهو حي نقول لمن أخذ: احذر ولا تقبل ما هو فوق شرع الله وأَعِدْ ما هو فوق حقك. افعل ذلك برجولة الإيمان. وإياك أن تظن أن الذي سيديم الستر لأولادك هو هذه الزيادة التي ليس لك حق فيها؛ لأنك بهذه الزيادة ستقطع الأرحام وتغرس بذور الكراهية والبغض.
ولو نظرت إلى هذه المسألة وأقمتها على ما شرعه الله فستجد أن الرزق سيفيض عليك من كل جانب ما دمت قد راعيت حق الله في إرادته التي حكم بها لينشأ الاستطراق الأسري وتظهر العدالة الربانية؛ لذلك يجب ألا يجتريء أحد على قسمة الله؛ لذلك أقول لكل من يقرأ هذه الكلمات ويفكر في الاجتراء على قسمة الله.
تُب إلى الله ولا يصح أن تشوه استقامتك الإيمانية. وإياك أن يظن إنسان أنه كأب يمكنه أن يحتاط لأبنائه. فكثيراً ما رأينا أناساً تركهم أهلهم أغنياء وصاروا في عوز وفاقة وفقر، ورأينا أناساً أهلهم فقراء، وأفاض الله عليهم من رزقه، فسبحانه القائل: