سبحانه حماية الناس من شقاء التجارب القاسية فأنزل منهجه ليحدد الحرام من الحلال. قال سبحانه:{هُوَ الذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بالهدى وَدِينِ الحق لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدين كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المشركون}[التوبة: ٣٣] .
ويقول في موضع آخر من القرآن الكريم:{هُوَ الذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بالهدى وَدِينِ الحق لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدين كُلِّهِ وكفى بالله شَهِيداً}[الفتح: ٢٨] .
ولقائل أن يقول: لماذا إذن وُجد في العالم أديان أخرى. كاليهودية والنصرانية، ولماذا إذن هناك ملاحدة ما دام الله قد قرر ألا يوجد مع الإسلام دين آخر؟
ونقول: أنت لم تفهم مراد الآيتين الكريمتين، إن الحق سبحانه يقرر مرة أن الذي الذي سيظهر ولو كره المشركون، ومعنى ذلك أن هناك كافرين ومشركين، وأهل ديانات أخرى وسيظهر الإسلام عليهم، ويجعله الله هو السائد بالحجة والبرهان وبشهادة الكافرين والملحدين والوثنيين أنفسهم؛ لأن أمور الحياة ستتبعهم في كل قضايا حياتهم، ولا يجدون حلولاً لهذه المتاعب إلا بأن يذهبوا إلى قضية الإسلام، لا لأنه إسلام، ولكن لأن أسلوب وقواعد الإسلام هي التي ستخلصهم من مشكلاتهم، ولجوؤهم إلى أقضية تتفق مع الإسلام - مع كفرهم بالإسلام - هو شهادة قوية على أن الإسلام جاء دين الفطرة، ودين العقل، وأن الكل سيحتاج إليه قهراً عنه. ومن لم يأخذ ديناً فيسضطر إلى أن يأخذه نظاماً.
وإذا كان الحق سبحانه قد ذيل الآية الكريمة التي نحن بصدد خواطرنا الإيمانية عنها بقوله عَزَّ وَجَلَّ:{وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ} فلأنه سبحانه ينبهنا إلى أنهم لو تعقلوا الأمر لما جعلوا البحيرة والسائبة والوصيلة والحام من المحرمات عليهم.
ولنا أن نتساءل: أجعلتم هذه الأشياء حراماً تكريماً لها أم زهداً فيها؟ . فإن كان هو الزهد، فمعنى ذلك أنهم أخرجوها عما خلق الله؛ لأن الله خلقها لنأكل لحمها