ولكن إذا كنت أنا الداخل فكيف أسلم على نفسي؟ كأن الله يخاطب المؤمنين على أساس أنهم وحدة واحدة. . وعلى هذا الأساس يقول سبحانه:{لاَ تَسْفِكُونَ دِمَآءَكُمْ} . . أي لا تقتلوا أنفسكم. . السفك معناه حب الدم. . «ودماءكم» هو السائل الموجود في الجسم اللازم للحياة. . وقوله تعالى:{وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ} يعني لا يخرج بعضكم بعضا من ديارهم. . ثم ربط المؤمنين من بني إسرائيل بقوله تعالى:{ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ} . . أقررتم أي اعترفتم:{وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ} الشهادة هي الإخبار بمشاهد. . والقاضي يسأل الشهود لأنهم رأوا الحادث فيروون ما شاهدوا. . وأنت حين تروي ما شاهدت. . فكأن الذين سمعوا أصبح ما وقع مشهودا وواقعا لديهم. . وشاهد الزور يغير المواقع.
الحق سبحانه وتعالى يخاطب اليهود المعاصرين لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. . ويذكرهم بما كان من آبائهم الأولين. . وموقفهم من أخذ الميثاق حين رفع فوقهم جبل الطور وهي مسألة معروفة. . والقرآن يريد أن يقول لهم إنكم غيرتم وبدلتم فيما تعرفون. . فالذي جاء على هواكم طبقتموه. . والذي لم يأت على هواكم لم تطبقوه.