الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض، والآخر أسود مرْبادّاً كالكور مُجَخِّياً - أي مقلوباً - لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه «.
قال حذيفة: وحدثت أن بينك وبينها باباً مغلقاً يوشك أن يكسر.
قال عمر:» أكَسْراً لا أبا لك، فلو أنه فُتح لعله كان يُعاد «.
هكذا كان حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عن رفع الأمانة وضياع المناعة الإيمانية من النفس البشرية. وأراد سبحانه للمناعة الإيمانية أن تبقى في عباده، لذلك تدخل بالرسل حتى تتكون المناعة ويكبح المجتمع جماح كل فرد. تحدثه نفسه بفتنة.
وعندما كان يتم الفساد في الأرض. نجد الحق يرسل الرسول ليعيد البريق إلى النفس اللوامة، ويحيي في المجتمع القدرة على أن يتناسق السلوك فيه على ضوء منهج الله. ولذلك نجد أن المقاومة التي تحدث للرسل إنما تحدث من الذين يستمتعون بالفساد وبآثار الفساد. وحين يأتي منهج الهداية فهو يأخذ بأيدي المظلومين ويغضب منه الظالمون الأقوياء الجبابرة، ولذلك يهاجمون الرسل والمنهج القادم من الله؛ لأن هذا المنهج سيقطع عليهم سبل الفساد الذي يدر عليهم عائداً هو في نظرهم كبير.
لقد رأينا صناديد قريش وقد تصدوا للدعوة، فمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ جاء بالمساواة بين كل البشر.
لقد كانوا يعرفون أن مجرد النطق ب «لا إله إلا الله محمد رسول الله» يعني فقدانهم لسلطان إرهاب الناس والقبائل. ولو كانت المسألة مجرد كلمة تقال، ويبقى الأمر على ما كان عليه لقالوها، ولكنها كانت كلمة تغير من الأمر سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، ولا يبقى من جبروت لأحد، فكل الناس سواسية. لذلك تصدى صناديد قريش لدعوة الإسلام. وهكذا نجد أن كل رسول يأتي يبرز له من يعاديه من أصحاب الفساد والجبابرة في الأرض، مصداقاً لقول الحق سبحانه وتعالى: