تعاونون عليهم وأنتم أهل دين واحد:«بالإثم» . . والإثم هو الشيء الخبيث الذي يستحي منه الناس:«والعدوان» . . أي التعدي بشراسة. . وقوله تعالى:{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكتاب وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} . . أي تأخذون القضية على أساس المصلحة الدنيوية. . وتقسمون أنفسكم مع الأوس أو الخزرج. . تفعلون ذلك وأنتم مؤمنون بإله ورسول وكتاب. . مستحيل أن يكون دينكم أو نبيكم قد أمركم بهذا.
ثم يقول الحق سبحانه وتعالى:{فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذلك مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الحياة الدنيا} أي إنكم فعلتم ذلك وخالفتم لتصلوا إلى مجد دنيوي ولكنكم لم تصلوا إليه. . سيصيبكم الله بخزي في الدنيا. . أي أن الجزاء لن يتأخر إلى الآخرة بل سيأتيكم خزي وهو الهوان والذل في الدنيا. . وماذا في الآخرة؟ يقول الله تعالى:{وَيَوْمَ القيامة يُرَدُّونَ إلى أَشَدِّ العذاب} الخزي في الدنيا أصابهم على يد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ والمؤمنين. . وأخرج بنو قينقاع من ديارهم في المدينة. . كذلك ذبح بنو قريظة بعد أن خانوا العهد وخانوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ والمسلمين. . وهكذا لا يؤخر الله سبحانه وتعالى جزاء بعض الذنوب إلى الآخرة. . وجزاء الظلم في الدنيا لا يؤجل إلى الآخرة، لأن المظلوم لابد أن يرى مصرع ظالميه حتى يعتدل نظام الكون. . ويعرف الناس أن الله موجود وأنه سبحانه لكل ظالم بالمرصاد. . اليهود أتاهم خزي الدنيا سريعا:{يَوْمَ القيامة يُرَدُّونَ إلى أَشَدِّ العذاب} .
قد يتساءل الناس ألا يكفيهم الخزي في الدنيا عن عذاب الآخرة؟ نقول لا. . لأن الخزي لم ينلهم في الدنيا حدا. . ولم يكن نتيجة إقامة حدود الله عليهم. . فالخزي حين ينال الإنسان كحد من حدود من حدود الله يعفيه من عذاب الآخرة. . فالذي سرق وقطعت يده والذي زنا ورجم. . هؤلاء نالهم عذاب من حدود الله فلا يحاسبون في الآخرة. . أما الظالمون فالأمر يختلف. . لذلك فإننا نجد إناسا من الذين ارتكبوا إثما في الدنيا يلحون على إقامة الحد عليهم لينجوا من عذاب الآخرة. . مع أنه لم يرهم أحد أو يعلم بهم أحد أو يشهد عليهم أحد. .