للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لكن معناها هنا «غاب» ، وحين يسألهم الله: أين شركاؤكم؟ ، ينكرون كذباً أنهم أشركوا، لقد ضل عنهم - أي غاب عنهم - هؤلاء الشركاء. والإنسان يعبد الإله الذي ينفعه يوم الحشر، وعندما يغيب الآلهة عن يوم الحشر فهذا ما يبرز ضلال تلك الآلهة وغيابها وقت الحاجة إليها، ولا يبقى إلا وجه الله الذي يحاسب من أشركوا به.

و «ضل» يقابلها «اهتدى» ، و «ضل» أي لم يذهب إلى السبيل الموصلة للغاية، و «اهتدى» أي ذهب إلى السبيل الموصلة إلى الغاية. ومن لا يعرف السبيل الموصلة إلى الغاية، يكون قد ضل أيضا، ولكن هناك من يضل وهو يعلم السبيل الموصلة إلى الغاية وهذا هو الكفر. وعندما يتكلم الحق عن الذين كفروا يصفهم بأنهم ضلوا ضلالاً بعيداً؛ لأن الطريق إلى الهداية كان أمامهم ولم يسلكوه، وهذا هو ضلال القمة. وقد يكون الإنسان مؤمناً لكن مقومات الإيمان ضعيفة في نفسه فيعصي ربه.

ويقول الحق عن مثل هذا الإنسان: {وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً} [الأحزاب: ٣٦] .

إنه ضلال دون ضلال وكفر دون كفر القمة. لكن ماذا عن الذي يضل لأنه لا يعرف طريق الهدى؟ إن ذلك هو ما يظهر لنا من قصة سيدنا موسى عليه السلام، فحين قال الحق لموسى وهارون عليهما السلام: {فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فقولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ العالمين أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بني إِسْرَائِيلَ} [الشعراء: ١٦ - ١٧] .

أصدر الحق الأمر إلى موسى وهارون بالذهاب إلى فرعون ليرسل معهما بني إسرائيل، فماذا عن موقف فرعون؟ . ماذا قال فرعون؟ : {قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ التي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الكافرين} [الشعراء: ١٨ - ١٩] .

<<  <  ج: ص:  >  >>