واستعملوها لمحادَّة الله وعداوته، أخذوا السمع ولكنهم صموا عن سماع الهدى، وأخذوا الأبصار ولكنهم عموا عن رؤية آيات الله. ومنحوا القلوب ولكنهم أغلقوها في وجه قضايا الخير. فماذا يفعلون إن أخذ الله منهم هذه النعم؟ هل هناك إله آخر يلجأون إليه ليستردوا ما أخذه الله منهم؟
وترى في الحياة أن الحق قد حرم بعضاً من خلقه من نعم أدامها على خلق آخرين. إن في ذلك وسيلة إيضاح في الكون. وإياك أن تظن أيها الإنسان أن الحق حين سلب إنساناً نعمة، أنَّه يكره هذا الإنسان، إنه سبحانه أراد أن يذكر الناس بأن هناك منعماً أعلى يجب أن يؤمنوا به. فإن أخذ الحق هذه النعم من أي كافر فماذا سيفعل؟ إنه لن يستطيع شيئاً مع فعل الله.
وها هوذا النبي يوضح لهم بالبراهين الواضحة، ولكنهم مع ذلك يُعْرِضون عن التدبر والتفكر والإيمان {ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ}
والمؤمن حين يرى إنساناً من أصحاب العاهات فهو يشكر الله على نعمه، إن الحق - سبحانه - بواسع رحمته يعطي صاحب العاهة تفوقاً في مجال آخر. ولنذكر قول الشاعر:
وغاض ضياء العين للقلب رافداً ... لعلم إذا ما ضيع الناس حصلا
إننا قد نرى أعمى يقود ببصيرته المبصرين إلى الهداية. ونرى أصم كبيتهوفن - على سبيل المثال - قد فتن الناس بموسيقاه وهو أصم. وهكذا نجد من أصيب بعاهة فإن الله يعوضه بجودٍ وفضل منه في نواحٍ ومجالات أخرى من حياته. ولا يوجد إله آخر يمكن أن يعوض كافراً ابتلاه الله؛ لأن الله هو الواحد الأحد. {انظر كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيات ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ} ، أي انظر يا محمد وتعجب كيف نبّين لهم الآيات ونصرفها من أسلوب إلى أسلوب ما بين حجج عقلية وتوجيه إلى آيات