للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ موسى فبغى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الكنوز مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بالعصبة أُوْلِي القوة إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ تَفْرَحْ إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الفرحين وابتغ فِيمَآ آتَاكَ الله الدار الآخرة وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدنيا وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ الله إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ الفساد فِي الأرض إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ المفسدين قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ على عِلْمٍ عندي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الله قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القرون مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ المجرمون فَخَرَجَ على قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الذين يُرِيدُونَ الحياة الدنيا ياليت لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ وَقَالَ الذين أُوتُواْ العلم وَيْلَكُمْ ثَوَابُ الله خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلاَ يُلَقَّاهَآ إِلاَّ الصابرون فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرض فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ الله وَمَا كَانَ مِنَ المنتصرين} [القصص: ٧٦ - ٨١] .

لقد أخذ قارون نعمة الله ونسبها إلى نفسه، وصار مفتوناً بما امتلك، وغرق في الغرور، فماذا فعل الله به؟ خسف الله به جهرة وأمام أعين الذين تمنوا مكانه.

إذن فمن الممكن ان يأتي عذاب الله بغتة للكافرين به أو يأتيهم بالعذاب جهرة. وما السبب في التلوين بين «بغتة» و «جهرة» ؟ البغتة تثبت لمن يعبد غير الله أنه مخدوع في عبادته لغير الله، لأنه لو كان يعبد إلهاً حقاً لما قبل هذه الإله أن يعذب أتباعه من حيث لا يشعر. إذن فالبغتة تثبت عجز المعبودين من أصنام وغيرها، فقد عجزت تلك الأصنام أن تحتاط للعابدين لها. وقد يقول قائل منهم: لقد جاءنا العذاب فجأة، لكن لو جاء لنا مواجهة لكنا قادرين على مواجهته والوقوف أمامه.

فيأتي الله أيضاً بالعذاب جهرة فلا يستطيعون مواجهته فتنتقطع حجتهم، وعلى الرغم من ذلك تموت في قلوب هؤلاء المعاندين القدرة على إبصار ضرورة الإيمان. ويعامل سبحانه خصوم رسولنا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثل هذه المعاملة، فعندما عانده القوم جاءهم الله سبحانه بأمور معجزة لعلهم يتفكرون.

<<  <  ج: ص:  >  >>