وقوله تعالى:{بَغْياً أَن يُنَزِّلُ الله مِن فَضْلِهِ على مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ} . . ومن هنا نعرف أن الرسالات واختيار الرسل. . فضل من الله يختص به من يشاء. . والله سبحانه حين يطلق أيدينا ويملكنا الأسباب. . فإننا لا نخرج عن مشيئته بل نخضع لها. . ونعرف أنه لا ذاتية في هذا الكون.
. وذلك حتى لا يغتر الإنسان بنفسه. . فإن بطل العالم في لعبة معينة هو قمة الكمالات البشرية في هذه اللعبة. . ولكن هذه الكمالات ليست ذاتية فيه لأن غيره يمكن أن يتغلب عليه. . ولأنه قد يصيبه أي عائق يجعله لا يصلح للبطولة. . وعلى كل حال فإن بطولته لا تدوم. . لأنها ليست ذاتية فيه ومَنْ وهبها له وهو الله سيهبها لغيره متى شاءَ. . ولذلك لابد أن يعلم الإنسان أن الكمال البشري متغير لا يدوم لأحد. . وأن كل من يبلغ القمة ينحدر بعد ذلك لأننا في عالم أغيار. . ولابد لكل من علا أن ينزل. . فالكمال لله وحده. . والله سبحانه يحرس كماله بذاته.
إذن اليهود حسدوا رسول الله. . حسدوا نزول القرآن على العرب. . والحق سبحانه يقول:{فَبَآءُو بِغَضَبٍ على غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ} . . والله جل جلاله يخبرنا أنه غضب عليهم مرتين.
الغضب الأول أنهم لم ينفذوا ما جاء في التوراة فغضب الله عليهم. . والغضب الثاني حين جاءهم رسول مذكور عندهم في التوراة ومطلوب منهم أن يؤمنوا به فكفروا به. . وكان المفروض أن يؤمنوا حتى يرضى الله عنهم. . ولذلك غضب الله عليهم مرة أخرى عندما كفروا برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. .
وقوله تعالى:{وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ} . . العذاب في القرآن الكريم وُصِفَ بأنه أليم. . وَوُصِفَ بأنه عظيم وَوُصِفَ بأنه مهين. . أليم أي شديد الألم يصيب من يعذب بألم شديد. . ولكن لنفرض أن الذي يعذب يتجلد. . ويحاول ألا يظهر الألم حتى لا يشمت فيه الناس. . يأتيه الله بعذاب عظيم لا يقدر على احتماله. . ذلك أن عظمة العذاب تجعله لا يستطيع أن يحتمل. . فإذا كان الإنسان من الذين تزعموا الكفر في الدنيا. . ووقفوا أمام دين الله يحاربونه وتزعموا قومهم. . يأتيهم الله تبارك وتعالى بعذاب مهين. . ويكون هذا أكثر إيلاما للنفس من الألم. . تماما كما تأتي لرجل هو أقوى مَنْ في المنطقة يخافه الناس جميعا ثم تضربه بيدك وتسقطه على الأرض. . تكون في هذه الحالة قد أهنته أمام