للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويقول مرة أخرى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: ٩] .

لماذا؟ . إنه سبحانه إن تكلم عن فعل من أفعاله نجد أن كل فعل من أفعاله يتطلب صفات الكمال كلها فيه، لأنه يتطلب علماً بما يتكلم به، ويتطلب قدرة لإبرازه، ويتطلب حكمة، ويتطلب صفات كثيرة، فإذا قال سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: ٩] .

فالتنزيل فعل، والفعل يقتضي صفات متعددة. فلا بد أن يأتي بضمير التعظيم وهو الجمع؛ لأن كل صفات الكمال متجلية في التنزيل.

ولكن إن تكلم عن الذات في التوحيد لا يأتي بضمير الجمع أبداً؛ لأنه يريد أن تنفي عن ذاته أنه متعدد؛ لأنه هو الواحد الذي لا شريك له، فحين يتكلم عن الذات يقول: {إنني أَنَا الله ... } [طه: ١٤] .

وحين يتكلم عن الذكر يقول: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر ... } [الحجر: ٩] .

ففي مجال التعظيم والتنزيل الذي يتطلب تجلي كثير من صفاته - جل شأنه - يأتي بضمير الجمع، وفي التوحيد والتفرد ونفي الشريك يأتي بضمير الإفراد.

هنا يقول سبحانه: {وَهُوَ القاهر فَوْقَ عِبَادِهِ ... } [الأنعام: ٦١] .

وكلمة «قاهر» إذا سمعتها تتطلب مقهوراً. وما دام هناك قاهر ومقهور ففي ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>