السباب لما اهتموا به ولا سمعوا له. لكن إبراهيم استخدم ما يسمي في الجدل ب «مجاراة الخصم» ؛ ليستميل آذانهم ويأخذ قلوبهم معه، وليعلموا أنه غير متحامل عليهم من أول الأمر، فيأخذ بأيديهم معه.
مثال ذلك في حياتنا، تجد رجلاً له ابنة وجاء لها خطيب، وهذا الخطيب قصير جداً، بينما البنت - ما شاء الله - طويلة، وحين جاء الخطيب ليراها وتراه تقول لأمها: هذا خطيبي؟! وهذا القول يعني أنها تنكر أن يكون هذا القصير عنها هو خطيبها، وحين قال إبراهيم:{هذا رَبِّي} معناه إنكار أن يكون مثل هذا الكوكب أو ذلك القمر أو تلك الشمس هي الرب.
ونلحظ أنه يحدد لهم مصير من يعبد تلك الكواكب، فقال:{لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ القوم الضالين} ، وفي هذا معرفة بمن على هدى أو على ضلال، ويكون قوله:{هذا رَبِّي} لونا من التهكم؛ لأنهم قالوا بما جاء به القرآن على لسانهم:{أهذا الذي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ} .
فكأنه قال: سلمنا جدلاً أنه ربكم، لكنه يأفل ويغيب عنكم، وقوله:{لا أُحِبُّ الآفلين} يعني أنه غير متعصب ضدهم.
وكذلك حين يقول الحق:{فَلَماَّ رَأَى الشمس بَازِغَةً ... }