{لَوْ أَنَّآ أُنزِلَ عَلَيْنَا الكتاب لَكُنَّآ أهدى مِنْهُمْ}[الأنعام: ١٥٧] .
ونقول: لو دققت النظر في السورة فقد ينطبق الأمر على واحد مخصوص من الذين غلبتهم الحُجّة. «وفي تاريخ السيرة نجد واحداً من الأحبار كان دائب الخوض في الإسلام، وكان اسمه» مالك بن الصيف «فلقيه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. والحَبْر هو عالم اليهود والمفترض فيه أن يكون من الزهاد فيهم منقطعاً للعلم إلا أنه كان سميناً على الرغم من أن من عادة المنقطعين للعبادة وإلى العلم أنهم لا يأخذون من الزاد إلا ما يقيت، ويقُيم الأود لأنه قد جاء في التوراة:» إن الله يبغض الحبْر السّمين «.
فلما علم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن مالك بن الصيف - وهو من أحبار اليهود - يخوض كثيراً في الإسلام قال له: أفي توراتكم:» إن الله يبغض الحَبْر السّمين «فبهت الرجل، وقال:» ما أنزل الله على بشر من شيء «
يعني ما أنزل الله على بشر من شيء من الذي أنت تقوله، وهكذا نعلم أن مثل هذا القول قد يأتي من أهل كتاب، وحين قال مالك هذه القولة قام عليه رجال من اليهود وقالوا له: كيف تقول: «ما أنزل الله على بشرٍ من شيء» فقال لهم: أغضبني محمد، فرددت على الغضب بباطل.
وهنا قال من سمعه من اليهود: إذن أنت لا تصلح أن تكون حبْراً لأنك فضحتنا. وعزلوه، وجاءوا بكعب بن الأشرف وولّوه مكانه.
{قُلْ مَنْ أَنزَلَ الكتاب الذي جَآءَ بِهِ موسى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ مَّا لَمْ تعلموا أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ الله ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ}[الأنعام: ٩١] .
الكتاب إذن هنا هو الكتاب الذي أنزله الله على موسى وهو التوراة وقد جعلوه