وأنت إذا ما نظرت إلى هذه العملية وجدت شيئا عجباً!!
فحين تأتي لنواة البلح أو حبة الشعير، وتضعها في الأرض في بيئة استخراجها، وبقليل من الرطوبة، تجد الفلقتين قد خرج منها نبتة وتكاد النواة أن تنفلق ليخرج منها الزبان الضعيف بين الفلقتين، وإن نزعت هذا الجذير تنتهي الحياة.
ولذلك وجدنا من يتعجب حين اقتحم أعشاش النمل ووجد في العش قطعاً صغيرة مفتتة بيضاء بجانب العش، واكتشفوا أن هذه هي زبانات الحب الذي يدخله النمل للعش، فلو أن النمل أدخل الحبوب كاملة فقد تأتي لفحة من رطوبة فتكبر هذه الحبة، وتنمو وتصير شجرة تفتك بالعش، فمن الذي هدى النمل إلى أن تفعل هكذا؟ إنه الله. ونجد النمل يفلق حبة نبات «الكزبرة» إلى أربع قطع لأنه لو قطعها إلى اثنتين قد تنبت، من الذي علمه؟ إنه سبحانه:{الذي خَلَقَ فسوى والذي قَدَّرَ فهدى}[الأعلى: ٢ - ٣] .
والعجيب أنك حين ترى النبتة الضعيفة ساعة أن تخرج إلى الحياة وهي التي ستكون من بعد ذلك جذراً إنها هشة وضعيفة إن أمسكتها بيدك تسحقها، لكنها تخترق قلب الأرض الصلبة التي لو ضربتها بسكين لانكسرت السكين، لكن الجذير الضعيف يدخل في قلب الصخر والأرض، فأي قوة أعطته ذلك؟ أي قوة تخرق له الأرض؟ وهل الجذير هو الذي خرق الأرض أو خُرِقَت له؟ لقد خرق الحق الأرض للبذرة لتستخرج منها غذاء للزرع، إنّها قدرة الحق سبحانه {فَالِقُ الحب} الذي ادخر في فلقتين اثنتين قوتاً للنبات إذا مسته رطوبة تتغذى عليها الزريعة إلى أن تربى الجذور، ويستمد النبات غذاءه من الفلقتين إلى أن يثبت ويتمكن في الأرض ثم تتحور الفلقتان إلى ورقتين خضراوين.
ويتابع الحق سبحانه:{يُخْرِجُ الحي مِنَ الميت وَمُخْرِجُ الميت مِنَ الحي} . وحين تامل العلماء هذا القول وأرادوا أن يوضحوا لنا ما الحي؟ وما الميت؟