{انظروا إلى ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ} ، و «ينعه» أي وصلت إلى النضج وذلك إشاعة للتمتع بنعم الكون لأن النظر إلى الثمر لا يعني أنني أملكه، فقد أراه في حقل جاري وأنظر له وأتمتع بشكله. إذن فالحق سبحانه وتعالى يريد أن يشيع الانتفاع بنعم الله حتى عند غير واجدها، لأن أحداً لن يمنعني من أن أنظر، فأنبسط، فمن ناحية الكمال الإنساني هناك غذاء لملكات النفس؛ لأن النفس ليست ملكات جوع وعطش فقط بل هي ملكات متعددة، وكل ملكة لها غذاؤها. ولذلك فقبل أن يقول لي: إن الخيل والبغال تحمل الأثقال. . قال سبحانه:{وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إلى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأنفس إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}[النحل: ٦ - ٧] .
إذن فهو يعطيني فائدة حمل الأثقال؛ لأن حمل الأثقال لمن يملكها، إنما الذي لا يملكها فهو يرى الحصان يسير بجمال، فيسعد برؤيته فيتمتع بما لا يملك، هذه إشاعة لنعم الله على خلق الله.
ويذيل الحق الآية الكريمة بقوله:{إِنَّ فِي ذلكم لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}
أي يؤمنون بأن الإله الذي آمنوا به يستحق بصفات الجلال والجمال فيه أن يُؤْمَن به، وكلما رأى الإنسان خلقا جميلاً قال: الله، إذن أنا إيماني صحيح والآيات تؤكد صدق إيماني بالإله الذي خلق كل هذا، وكل يوم تبدو لي حاجة عجيبة تزيدني إيماناً، وعقلي الذي وهبه الله لي هداني إلى الإيمان بهذا الإله.
ومن العجيب ان هناك من جعلوا لله شركاء!! إله له كل هذه الصفات من أول فالق الحب والنوى، وفالق الإصباح، وجعل الليل ساكناً، والشمس، والقمر، حسابناً وبحسبان، والنجوم نهتدي بها في ظلمات البر والبحر، وأنزل لنا من السماء ماء، وأخرج لنا النبات منه خضر، كل هذه المسائل كان يجب أن تكون صارفة للناس إلى أن الله وحده هو الخالق المستحق للعبادة، ولا تتجه أبداً بالعبادة أو بالإيمان بغيره، لكن