وفي بدء الدعوة - وكانت حينئذ ضعيفة نجد - رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يلتفت إلى الأمة، فيكون بلال الحبشي هو من يؤذن، ونجده يقول عن - سليمان وهو فارسي -: سلمان منا آل البيت ويأتي سيدنا عمر يقول عن صهيب - وهو رومي -: نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه، أي أن عدم عصيانه لله طبيعة فيه حتى وإن لم يكن يخاف عقاب الله.
فإذا كنا قد زينا لكل أمة من الأمم الماضية عملهم فتزيين أمتكم يجب أن يكون مناسباً لمهمتها زماناً ومكاناً وأجناساً، وألواناً، ولغات، ولابد أن نزينكم أيضاً بحسن أسلوب العرض لمنهج الدعوة. ويجب أن يتناسب مع جمالها، وأنتم أولى بالتزيين؛ لأنكم مستوعبون لكل حضارات الدنيا، وانتماءات الدنيا، فيجب أن يكون تزيينكم مناسباً لمهمتكم.
أي أننا وضحنا لهم منهج نقل الدعوة إلى الغير، وما ينال المحسن والمطيع من ثواب في الآخرة، والمؤمنون حينما ينعمون بنعيم الآخرة فهذا نعيم بغير حدود؛ لأنه على قدر طلاقة قدرة الحق سبحانه وتعالى، وهم حين يتنعمون بكل هذه النعم يستشرقون إلى لقاء المنعم به، ويتجلى الله عليهم.
وكما زينا للأمم السابقة أعمالهم قد زيناكم لأنكم أمة الإجابة، وهذا التزيين الخاص يربي الدعاة إلى منهج الله، ولو فطن غيركم إلى ما في منهجكم من زينة لبحثوا في هذا المنهج ولقام كل منهم باستقراء الوجود الذي بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ولوجد أن لكل كائن مهمة، ولانضم إلى المنهج التعبدي. {وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات: ٥٦] .