الله ثمنا قليلا، وهو الذي أعلن لكم رفض الملك والثروة والجاه. لكنهم قالوا:{وَإِذَا جَآءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حتى نؤتى مِثْلَ مَآ أُوتِيَ رُسُلُ الله. .}[الأنعام: ١٢٤]
وقد حدث الوليد بن المغيرة نفسه بذلك، وكان من ناحية السن أسنّ من رسول الله، ومن ناحية المال كان غنّيا، ومن ناحية الأولاد عنده العزوة والولد، وقال: لو كانت الرسالة بكل هذه الأمور لكنت أنا أولى بهذا لأنني أسنّ ولأنني أكثر مالاً ولأنني أكثر ولداً. وهو قد قاسها بمقاييس البشر، وكأن الوليد لم يكن يعلم أن الرسالة ليست رئاسة، فإذا كنت أنت دون غيرك عندك المال وعندك الأولاد وعندك الزروع وغير ذلك لكنك لست على خلق محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، الذي فطره الله عليه وأعده واصطفاه ليكون رسولا، ولكن مع هذا قال بعضهم:{وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هذا القرآن على رَجُلٍ مِّنَ القريتين عَظِيمٍ}[الزخرف: ٣١]
ولنسمع رد القرآن:{أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ. .}[الزخرف: ٣٢]
ويوضح لهم الحق: نحن قسمنا بينهم الأمور الحياتية، لكنكم تريدون تقسيم رحمة الله، وفرق بين الرحمة في الرسالات وبين امتداد الحياة بالأقوات والمال؛ لأن هذه عطاءات ربوبية. لكن الرحمة هي عطاءات ألوهية، انكم تميزتهم في دنياكم بالمال والبنين والبساتين لا لخصوصية فيكم ولكن لأن نظام الكون كله إنما يحتاج إلى مواهب متكاملة لا إلى مواهب متكررة، ولو امتلك كل الناس مثل ما عندك يا وليد من أرض ومال لما وجدت من يفلح لك الأرض، ولما كان عندك من يسرج لك الفرس.
ولهذا جعل الحق مسألة الثروة دولاً، أي يقلب سبحانه هذه الأمور لتكون متداولة بين الناس؛ تكون لهذا في زمن ولآخر في وقت وزمن آخر ولا تدوم لأحد.
وحين جاء الناس إلى أبي جهل يحدثونه في الرسالة قال: زاحمنا بني عبد مناف في