للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{رَبَّنَآ أَرِنَا الذين أَضَلاَّنَا مِنَ الجن والإنس نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الأسفلين} [فصلت: ٢٩]

وقوله الحق هنا في سورة الأنعام: {وكذلك نُوَلِّي بَعْضَ الظالمين بَعْضا} [الأنعام: ١٢٩]

أي كما صنعنا مع الجن والإِنس، باستكثار الجن من الإِنس واستمتاع بعضهم ببعض إضلالا وإغواء، وطاعة وانقيادا، نجعل من بينهم ولاية ظالم على ظالم، ولا نولى عليهم واحداً من أهل الخير؛ لأن أهل الخير قلوبهم مملوءة بالرحمة، لا يقوون على أن يؤدبوا الظالم؛ فهم قد ورثوا النبوة المحمدية في قوله يوم فتح مكة:» اذهبوا فأنتم الطلقاء «، ولذلك إذا أراد الله أن يؤدب ظالماً لا يأتي له بواحد من أهل الخير ليؤدبه، إنه - سبحانه - بتكريمه لأهل الخير لم يجعل منهم من يكون في مقام من يؤدب الظالم. إنه - سبحانه - يجعل أهل الخير في موقف المتفرج على تأديب الظالمين بعضهم بعضا.

والتاريخ أرانا ذلك. فقد صنع الظالمون بعضهم في بعض الكثير، بينما لو تمكن منهم أعداؤهم الحقيقيون لرحموهم؛ لأن قلوبهم مملوءة بالرحمة.

ولذلك بلغنا عن سيدنا مالك بن دينار وهو من أهل الخير. يقول: قرأت في بعض الآثار حديثاً قدسيا يقول فيه الحق:» أنا ملك الملوك قلوب الملوك بيدي. «

فإياكم أن يظن الطاغية أو الحاكم أو المستبد أنه أخذ الحكم بذكائه أو بقوته، بل جاء به الحق ليؤدب به الظلمة، بدليل أنه ساعة يريد الله أن تنتهي هذه المسألة فهو

<<  <  ج: ص:  >  >>