عليه فيما لا يجيد، حتى يحتاج الإنسان منا إلى غيره ليؤدي له العمل الذي لا يجيده وبذلك يرتبط العالم ارتباط مصلحة وحاجة لا ارتباط تفضل. {وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُمْ.
. .} [الأنعام: ١٦٥]
كأن هذا الرفع هو اختبار للبشر فيما أعطاهم الله من الواهب. ليعلم علم الإلزام للعبد؛ فسبحانه يعلم أزلاً كل ما يصدر عن العبد، ولكنه يترك للعبد فرصة أن يؤدي العمل ليكون ملتزماً بم فعل. وتكون حجة على العبد. وحينما يقول الحق:{لِّيَبْلُوَكُمْ} فالمقصود ليختبركم اختبار إقرار على نفوسكم، لا إخباراً له. { ... لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ العقاب وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}[الأنعام: ١٦٥]
وسبحانه «سريع العقاب» ، وإياك أن تستبطئ الآخرة، فالثواب والعقاب سيأتي بعد أن ننتهي ونموت. وليس الموت سبب؛ فكل إنسان عرضة لأن يموت، وبذلك تكون قيامته قد قامت، وإن قامت قيامة الإنسان فلن يقوم بأي عمل آخر. إذن فسبحانه سريع العقاب. ولكن البعض من القوم يغريهم حلم الله ويستبطئون الآخرة. لذلك يقول أحد العارفين: اجعل شكرك لمن لا تنقطع نعمه عنك، واجعل طاعتك لمن لا تستغني عنه، واجعل خضوعك لمن لا تخرج عن ملكه وسلطانه.
إذن فكل صفة من صفات الحق يتجلى ويظهر أثرها في المخلوق هبة من الله له، فأنت إذا أردت أن تقف، مثلاً، لا تعرف ما هي العضلات التي تحركها لتقف، ولكنك بمجرد إرادتك ان تقف تقف، وذلك مظهر لإرادة الله إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون.
وما دمنا خلائف فلابد أن نتكامل ولا نتكرر، بمعنى أن كل واحد فيه موهبة تنقص من الآخر، وفي الأخر موهبة تنقص في غيره، ليضطر كل مخلوق في الأرض أن يتعاون مع آخر، ليأخذ ثمرة مواهب غيره، ويعطي هو ثمرة مواهبه. ولا يريد الحق منا أن نعطي ثمرات المواهب تفضلاً، وإنما يريد أن يجعلها حاجة. فأنت تحتاج إلى موهبة من لا موهبة لك فيه، إنك تحتاج إلى الغير، وهو كذلك أيضاً يحتاج إلى عملك.