الشيطان لا يدعك تتم ليلتك مع ربك، وسيأتي ليُخبرك، فهلاّ أتممتها شكراً لله، هيا قم إلى الصلاة.
إذن فقد عرف الشيطان كيف يقعد: وكيف يقسم، لأنه في آية أخرى يقول:{قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}[ص: ٨٢]
لقد استطاع أن يأتي بالقسم الذي يعينه على مهمته؛ فقال:{فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ} أي بامتناعك عن خلقك وعدم حاجتك إليهم فأنت الغالب الذي لا يقهر؛ لأنك إن أردتهم ما استطعتُ أن آخذهم، لكنك شئت لكل إنسان أن يختار:{فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ}[الكهف: ٢٩]
فأقسم، ومن هذا الباب يدخل الشيطان على الإِنسان:{فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} .
واستدرك على نفسه أيضاً وقال:{إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المخلصين}[ص: ٨٣]
لأن الذي يريده الله مهديًّا لا يستطيع الشيطان أن يغويه؛ لأنه لا يناهض ربنا ولا يقاومه، إنما يناهض خلق الله، ولا يدخل مع ربنا في معركة، إنما يدخل مع خلقه في معركة ليس له فيه حجة ولا قوة؛ لأن الذي يغلب في المعارك إما أن يرغمك على الفعل، وإما أن يقنعك لتفعل أنت بدون إرغام. وهل يملك إبليس واحدة من هذه؟ . لا، ولذلك سيأتي في الآخرة يقول:{وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فاستجبتم لِي ... }[إبراهيم: ٢٢]