للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَوَاعَدْنَا موسى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ ... } [الأعراف: ١٤٢]

وواعدنا، مثلها مثل فاعل، من الذي واعد؟ . إنه الله الذي وعد موسى عليه السلام، ودخل موسى في الوعد بقبوله الوعد وتوفيته به.

إذن «قاسمهما» أي قبلا القسم ودخلا فيه. {وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ الناصحين} [الأعراف: ٢١]

و «قاسم» ، أي أقسم، ولذلك حينما عاتب ربنا سيدنا آدم أوضح سبحانه: أنا قلت إنه عدو لك ولزوجك، ولسوف يخرجنكما من الجنة لتتعب وتشقى، فقال آدم: يا ربي ما كنت أعتقد أن خلقاً من خلقك يقسم بك على الباطل. ولم يأتي على البال أن خلقاً يقسم بالله على الباطل. وكانت هذه أول خديعة في الخلق. ولذلك نجد قتادة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - يقول: «المؤمن بالله يُخدع» .

«والنبي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ عقد على امرأة ودخلت به، ومن كيد النساء وهن زوجات للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وقد خفن أن يشغف بها حُبًّا، فقلن لها: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، يحب هذه الكلمة، فإذا دخل عليك فقوليها! ، قولي:» أعوذ بالله منك «، ولحظة أن دخل عليها سيدنا رسول الله، قالت له:» أعوذ بالله منك «. فقال لها: استعذت بمعاذ. ولم يقربها الرسول» ، وهذا ما يشرح لنا كيف يُخدع المؤمن بالله. وها هو ذا سيدنا عبد الله بن عمر كان يعتق من العبيد من يحسن الصلاة ويتقنها ويؤديها في مواعيدها، ويقف فيها خاشعاً، وحين عرف العبيد ذلك احترفوا إقامة الصلاة أمام المكان الذي يجلس فيه وكانوا يؤدونها بخشوع، وكان رَضِيَ اللَّهُ عَنْه يعتقهم، وذهب له من يقول: إن العبيد يخدعونك، فيقول: من خدعنا بالله، انخدعنا له.

والنصح هنا: إغراء بمخالفة أمر الله، وكان يجب ألا تكون هناك غفلة من آدم، وكان لابد أن يقارن بين الأمرين، بين غواية الشيطان له بالأكل، وبين أمر الحق سبحانه الذي قال له ولزوجه: لا تقربا. لكنه لم يفعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>