للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونتأمل الخمسة المحرمات التي جاءت بالآية؛ فحين ننظر إلى مقومات حياة الخلافة في الأرض ليبقى الإِنسان خليفة فيها نرى أنه لابد من صيانة أشياء ضرورية لسلامة هذه الخلافة وأداء مهمتها، وأول شيء أن يسلم للمجتمع طهر أنسابه. وسلامة طهر الأنساب أي الإِنجاب والأنسال ضرورية للمجتمع؛ لأن الإِنسان حين يثق أن ابنه هذا منه فهو يحرص عليه لأنه منسوب إليه، ويرعاه ويربيه. أما إذا تشكك في هذه المسألة فإنه يهمله ويلفظه، كذلك يهمله المجتمع، ولا أحد يربيه ولا يلتفت إليه ولا يعنى به.

إذن فسلامة الأنساب أمر مهم ليكون المجتمع مجتمعاً سليماً، بحيث لا يوجد فرد من الأفراد إلا وهو محسوب على أبيه، بحيث يقوم له بكل تبعات حياته، ولذلك يجب أن تعلموا أن الأطفال المشردين مع وجود آبائهم حدث من أن شكاً طرأ على الأب في أن هذا ليس ابنه. ولذلك ماتت فيه غريزة الحنان عليه، فلا يبالي إن رآه أم لم يره، ولا يبالي أهو في البيت أم شرد، لا يبالي أكل أم جاع، لا يبالي تعرى أم لا.

إذن فطهارة الأنساب ضمان لسلامة المجتمع؛ لأن المجتمع سيكون بين مربٍّ يقوم على شأن وصغير مرَّبى، المربي قادر على أن يعمل، والمربَّى صغير يحتاج إلى التربية. ولذلك حرم الله الفواحش. والفحش - كما قلنا - ما زاد قبحه، وانتهوا على أنه هو الزنا؛ لأن أثره لا يتوقف فقط عند الذنب والاستمتاع. بل يتعدى إلى الأنسال. وما تعدى إلى الأنسال فهو تعد إلى المجتمع، ويصير مجتمعاً مهملاً لا راعي له.

والإِثم: أهو كل كبيرة أو ما يقام على فاعله حد؟ . لقد انتهى العلماء على أن الإِثم هو الخمر والميسر؛ لأن الله قال بالنص: {وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ... } [البقرة: ٢١٩]

وأراد الحق بذلك أن يضمن مقوم تنظيم حركة الحياة في الإِنسان وهو العقل وأن

<<  <  ج: ص:  >  >>