للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو ينالهم، أي يصيبهم عذاب مما هو مبين في الكتاب الذي أرسلناه ليوضح أن الطائع له الثواب، والعاصي له العقاب، فيقول الحق هنا: { ... حتى إِذَا جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قالوا أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ الله قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا وَشَهِدُواْ على أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ} [الأعراف: ٣٧]

وساعة تسمع {يَتَوَفَّوْنَهُمْ} تفهم أن الحياة تنتهي، وتنفصل الروح عن الجسد فهذا هو «التوفي» ، فمرة ينسب إلى الحق الأعلى سبحانه وتعالى، ومرة ينسب إلى المَلَك، ومرة يراد منه أتباع المَلَك أي جنوده يقول - سبحانه -: {حتى إِذَا جَآءَ أَحَدَكُمُ الموت تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ} ، والأساليب الثلاثة ملتقية؛ لأن ملك الموت لم يأت بالموت من عنده، بل أخذ التلقي من الله، فالأمر الأعلى من الله، وأمر التوسط للملك، وأمر التنفيذ للرسل.

و «التوفي» على إطلاقه هو استيفاء الأجل، فإن كان أجل الحياة فهو ترفية بالموت، وإن كان الأجل البرزخ وهو المدة التي بين القبر والحساب. إلى أن يجيء ميعاد دخولهم النار فهذا هو توفي أجلهم الثاني؛ لأن كل إنسان له أجلان: أجل ينهي هذه الحياة، والأجل الذي يأخذه في البرزخ إلى أن يجيء الحساب. وهذا لا يمنع أن يقال: إن قيامة كل إنسان تأتي بموته؛ لأن للقيامة مراحل بدءا من القبر ونهاية بالخلود في الجنة أو في النار.

وحين تسألهم الملائكة: { ... أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ الله قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا وَشَهِدُواْ على أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ} [الأعراف: ٣٧]

هم إذن يعترفون أن من كانوا يدعونهم من دون الله قد غابوا واختفوا ولا يظهر لهم أثر.

<<  <  ج: ص:  >  >>