وأزواج مطهرة من الأشياء التي كنت تغضب منها وستكون مطهرة بتطهير الله لها. {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأنهار ... }[الأعراف: ٤٣]
ونجد الحق يقول مرة:{تَجْرِي تَحْتَهَا الأنهار} ومرة يقول: {تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأنهار} ، ونجد «مِن» فارقاً بين القولين. إننا نرى من يستقر في قصر ونجد الماء منساباً حوله وتحته يسر العيون، وماء الآخرة هو ماء غير آسن، وليس فيه أكدار الدنيا، وكما أننا نسر بالماء في الدنيا سنسر به أضعاف ذلك في الآخرة. وقد تجري المياه تحت القصر ولكن نبعها من مكان بعيد فيخاف صاحب القصر أن يقطعها آخر عنه، ويطمئن الحق عباده الصالحين: ستجري من تحت جنانكم الأنهار وكل المياه ستكون ذاتيتها من موقع كل مكون أنت فيه ولن يتحكم فيك أحد، ولن يسد أحد عنك منبع المياه وسترى أنهار الآخرة بلا شطآن؛ لأن كل شيء ممسوك لا بالأسباب كما في الدنيا، ولكن ب «كن» التي هي لله.
ولذلك يقول العباد في جنة الآخرة:{الحمد للَّهِ الذي هَدَانَا لهذا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لولا أَنْ هَدَانَا الله ... }[الأعراف: ٤٣]
إنهم يقولون الحمد لله لأنه جل وعلا قد جمعهم ودلهم وأرشدهم إلى الثواب والنعيم دون منغصات، والحمد لله هي عبادة يقولها المؤمنون في الآخرة؛ لأنهم أدوا حق الله في تكاليفه في الدنيا ويعطيهم الله فوق ما يتوقعون في الآخرة. ونعيم الآخرة لا قيد عليه، ولن يستطيع بشر مهما ارتقى بالابتكار أن يصل إلى ما في الجنة؛ لأن الشيء يتحقق لك من فور أن يخطر ببالك. {وَقَالُواْ الحمد للَّهِ} .
وهذا الحمد لله كان في الدنيا عبادة تكليف، أمّا في الآخرة فهو «عبادة غبطة وسرور وتلذذ. {وَقَالُواْ الحمد للَّهِ الذي هَدَانَا لهذا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لولا أَنْ هَدَانَا الله} .
يقولها المؤمن؛ لأن الله لو لم ينزل منهجاً سماوياً يحدد له حركة حياته استقامة وينذره