أصحاب الجنة، وأصحاب النار وهناك فريق ثالث هم الذين على الأعراف، و «الأعراف» جمع «عُرف» مأخوذ من عرف الديك وهو أعلى شيء فيه، وكذلك عرف الفرس. كأن بين الجنة مكانا مرتفعاً كالعرف يقف عليه أناس يعرفون أصحاب النار بسيماهم فكأن من ضمن السمات والعلامات ما يميز أهل النار عن أهل الجنة.
وكيف توجد هذه السمات؟ يقال إن الإنسان ساعة يؤمن يصير أهلا لاستقبال سمات الإيمان، وكلما دخل في منهج الله طاعة واستجابة أعطاه الله سمة جمالية تصير أصيلة فيه تلازمه ولا تفارقه وبالعكس من ذلك أصحاب النار فتبتعد عنهم سمات الجلال والجمال وتحل محلها سمات القبح والشناعة والبشاعة.
وإذا ما رأى أهل الأعراف أصحاب الجنة يقولون: سلام عليكم؛ لأن الأدنى منزلة - أصحاب الأعراف - يقول للأعلى - أصحاب الجنة - سلام عليكم.
وجماعة الأعراف هم من تساوت سيئاتهم مع حسناتهم في ميزان العدل الإلهي الذي لا يظلم أحداً مثقال ذرة. {فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ}[القارعة: ٦ - ٩]
ويا رب لقد ذكرت الميزان، وحين قدرت الموزون لهم لم تذكر لنا إلا فريقين اثنين. . فريق ثقلت موازينه، وفريقاً خفت موازينه، ومنتهى المنطق في القياس الموازيني أن يوجد فريق ثالث هم الذين تتساوى سيئاتهم مع حسناتهم، فلم تثقل موازينهم فيدخلوا الجنة، ولم تجف موازينهم فيدخلوا النار، وهؤلاء هم من تعرض أعمالهم على «لجنة الرحمة» فيجلسون على الأعراف. ومن العجيب أنهم حين يشاهدون أهل الجنة يقولون لهم سلام عليكم على الرغم من أنهم لم يدخلوا، لكنهم يطمعون في أن يدخلوا، لأن رحمة الله سبقت غضبه.