للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اليل والنهار لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ ... } [القصص: ٧٣]

أي لتسكنوا في الليل، وتبتغوا الفضل في النهار، فإن كنت لم تسترح بالليل فلن تقدر أن تعمل بالنهار، فمن ضروريات حركة الخلافة في الأرض أن يوجد وقت للراحة ووقت للعمل. لذلك أوضح سبحانه لنا: أنا خلقت الليل والنهار، وجعلت الليل سكناً إلى للراحة والبعد عن الحركة، والحق يقول هنا: {يُغْشِي اليل النهار ... } [الأعراف: ٥٤]

ويكون المعنى هنا أن النهار يغشي الليل، ولذلك تحدثنا من قبل عن تتابع الليل والنهار لنستنبط منها الدليل على أن الأرض كرة. {وَهُوَ الذي جَعَلَ اليل والنهار خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان: ٦٢]

والليل يخلف النهار، والنهار يخلف الليل، وفي مصر نكون في نهار مثلا، ويكون هذا الوقت في بلد آخر ليلاً، وإذا سلسلتها إلى أول ليل وإلى أول نهار، وأيهما الذي كان خلفه للثاني؟ فلن تجد؛ لأن كلا الاثنين خلقا معاً. ولو كانت الأرض مخلوقة على هيئة التسطيح وكانت الشمس قد خلقت مواجهة لسطح الأرض لكان النهار قد خلق أولاً ثم يعقبه الليل، ولو كانت الشمس قد خلقت غير مواجهة للسطح كان الليل سيأتي أولاً ثم تطلع الشمس على السطح ليوجد النهار. والحق سبحانه أراد من الليل والنهار أن يكون كلاهما خلفة للآخرة، ولا يمكن أن يكون ذلك إلا إذا كان الله سبحانه خلق الليل والنهار دفعة واحدة. كان لابد أن تكون الأرض كرة؛ ليغشى النهار الجزء المواجه للشمس، وليغشى الليل الجزء غير المواجه للشمس، وحين تدور الأرض يأتي النهار خلفة لليل، ويكون الليل خلفه للنهار. {وَهُوَ الذي جَعَلَ اليل والنهار خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان: ٦٢]

<<  <  ج: ص:  >  >>