للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأنت لك فيها أمر إما أن تطيع وإما أن تعصي، وأنت حر. { ... أَلاَ لَهُ الخلق والأمر تَبَارَكَ الله رَبُّ العالمين} [الأعراف: ٥٤]

وحين يقول سبحانه: {تَبَارَكَ الله} وقال من قبل: {أَحْسَنُ الخالقين} ، فكل لفظ له معنى، ففي خلقه من البشر مواهب تَخْلق ولكن من موجود وأوضحنا ذلك.

وفي قول آخر يصف الحق نفسه: {وَهُوَ أَسْرَعُ الحاسبين} [الأنعام: ٦٢]

والناس تتعلم الحساب وخلقوا آلات حاسبة، وهي آلات تتم «برمجتها» وإعدادها وتهيئتها للجمع والطرح والضرب والقسمة، وكل حدث من الحساب يأخذ مدة. لكن الحق يحسب لكل البشر دفعة واحدة. لذلك فهو أسرع الحاسبين؛ لأنه ليس هناك حساب واحد، فأنت لك حساب مع الله، والآخر له حساب مع الله، والحساب مع الله متعدد بتعدد أفراد المحاسبين، وحساب الحق للخلق لا يحتاج إلى علاج، بل ينطبق عليها ما ينطبق على الرزق، ولذلك حينما سئل عليّ كرم الله وجهه:

- أيحاسب الله خلقه في وقت واحد؟

قال: وما العجب في ذلك ألم يرزقهم في وقت واحد؟

وانظر إلى القرآن تجد الحق {أَسْرَعُ الحاسبين} و {أَحْسَنُ الخالقين} ، و {أَرْحَمُ الراحمين} و {خَيْرُ الوارثين} . وهذه هي الألفاظ التي وردت، ولله فيها مع خلقه صفة، لكن صفة الله دائما في إطار {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} . {تَبَارَكَ الله رَبُّ العالمين} .

و {تَبَارَكَ الله} أي أنه - تعالى - تنزّه؛ لأن هناك فرقاً بين القدرة المطلقة - وهي قدرة الله - والانفعال للقدرة المطلقة بالإِرادة وب «كن» وهذا هو الانفعال والانقياد وللإِرادة والأمر.

ويقول الحق سبحانه وتعالى بعد ذلك:

<<  <  ج: ص:  >  >>