خفية لها معنى وهو أن يكون الدعاء دعاءً مستوراً مختبئاً، ولها معنى آخر وهو أن تكون من الخوف أي أدعو ربكم خوفاً من متعلقات صفات الجلال كالجبار والقهار أو خوفا من أن يردها الله عليك فلا يقبلها منك.
ادعوا ربكم تضرعاً بذلة وانكسار وخضوع خفية بينك وبين ربك، فلا تجهر بالدعاء وتجعله عملك الوحيد لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ علمنا حينما كان في غزوة غزاها فنزل أصحابه وادياً، فلما نزلوا الوادي صاحوا بالتهليل والتكبير، فقال:«أيها الناس اربعوا على أنفسكم، إنكم ليس تدعون أصمَّ ولا غائبا، إنكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم» .
والدعاء إلى الله خُفية يبتعد بك عن الرياء وهو أستر لك في مطلوباتك من ربك لأنه حين يوضح لك: ادعني في سرّك لأنني سميع عليم؛ فاعلم كل ما ظهر منك وما بطن، ادع بالخضوع والخشوع والتذلل لتنكسر فيك شهوة الكبرياء، وشهوة الغطرسة، وشهوة الجبروت.
وإذا ما نظرت إلى هذا تجد أن كثيراً من العلماء يقولون:
- نعرف قوماً يقرأون القرآن في محضرنا وما عرفنا لشفاههم حركة، وعرفنا قوماً يستنبطون الأحكام من كلام الله وما رأينا منهم انفعالاً يصرفهم عناً. إذن فالمسألة تعبر عن شغل باطني داخلي.
ويريد الحق سبحانه وتعالى أن يبعدنا عن الرياء ويريد أن يستر علينا مطلوباتنا؛ لأن الإِنسان قد يطلب من الله سبحانه وتعالى ما يستحي أن يسمعه آخر. {ادعوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً ... }[الأعراف: ٥٥]
ولو نظرت إلى هذه الآية لوجدت أن كثيراً من الناس يخالفونها مخالفات جماعية؛ في