للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يفعل ذلك أن يترك كل إنسان لانفعالاته، وأن يكون ملك نفسه وملك اختياره.

ويعطينا الحق سبحانه وتعالى صوراً كهذه فيقول: {إِذْ نادى رَبَّهُ نِدَآءً خَفِيّاً قَالَ رَبِّ إِنَّي وَهَنَ العظم مِنِّي واشتعل الرأس شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيّاً} [مريم: ٣ - ٤]

إذن كلمة «خفي» موجودة في القرآن، ولابد أن نتنبه إلى الدعاء الخفي. {ادعوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المعتدين} [الأعراف: ٥٥]

إذن إن لم يكن تضرعاً وخفية فهو اعتداء في الدعاء؛ لأنك مكلف والله هو المُكلَف، وهو يقول لك: ادعوني تضرعاً وخفية.

فإن فعلت غير هذا تكن معتدياً، وعلى كل هؤلاء أن يفهموا أنهم معتدون فإما أن يكون الاعتداء في أسلوب الطلب وإما ان يكون الاعتداء في المطلوب.

لأن الحق حدد أسلوب الطلب فأوضح: ادعوني بخفاء، فإن دعوت في غير الخفاء تكن معتدياً على منهج الله. وكذلك قد يكون الاعتداء في المطلوب فلا يصح مثلاً أن تقول: إنني أدعوك يا رب أن تجعلني نبياً. إن ذلك لا يصح وربنا سبحانه وتعالى علمنا فيما سرده عن نوح. فقال: {وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابني مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الحق وَأَنتَ أَحْكَمُ الحاكمين قَالَ يانوح إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إني أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الجاهلين} [هود: ٤٥ - ٤٦]

وهنا نبه الحق نوحاً إلى الاعتداء في المطلوب فقال الحق: {فَلاَ تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ... } [هود: ٤٦]

<<  <  ج: ص:  >  >>