رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ الله وَإِقَامِ الصلاة وَإِيتَآءِ الزكاة ... } [النور: ٣٦ - ٣٧}
وهو ذكر لأن هناك من يسبح له فيها بالغدو والآصال وهم رجال موصوفون بأنهم لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله.
وقد يُطلق الذكر ويراد منه خير الله على عبادة ويراد به كذلك ذكر عبادتهم له بالطاعة؛ فسبحانه يذكرهم بالخير وهم يذكرونه بالطاعة. اقرأ إن شئت قول الحق سبحانه وتعالى:{ ... وينهى عَنِ الفحشاء والمنكر والبغي يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}[النحل: ٩٠]
وفي آية أخرى:{ ... إِنَّ الصلاة تنهى عَنِ الفحشآء والمنكر وَلَذِكْرُ الله أَكْبَرُ والله يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}[العنكبوت: ٤٥]
وما دام قد قال جل وعلا:{وَلَذِكْرُ الله أَكْبَرُ} أي ذكر الله لهم بالنعم والخيرات، فذكره فضل وإحسان وهو الكبير المتعال. فهناك إذن ذكر ثان، ذكر أقل منه، وهو العبادة لربهم بالطاعة، هنا يقول الحق:{أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ على رَجُلٍ مِّنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُواْ وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[الاعراف: ٦٣]
ما وجه العجب هنا؟ نعلم أن العجب هو إظهار الدهشة وانفعال النفس من حصول شيء علي غير ما تقتضيه مواقع الأمور ومقدماتها، إذن تظهر الدهشة ونتساءل كيف حدث هذا؟ ولو كان الأمر طبيعياً ورتيباً لما حدثت تلك الدهشة وذلك العجب.