فهل هذا لا يدخل الجنة ويجازى بحسن عمله. . وهناك من النصارى من آمن بعيسى وقت حياته. . وعاصره ونفذ تعاليمه ومنهجه ثم مات قبل أن يُبْعَثَ محمدٌ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ. . أهذا لن يدخل الجنة؟ . . لا. . يدخل وتكون منزلته حسب عمله ويجازى بأحسن الجزاء. . ولكن بعد أن بعث محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وجاء الإسلام ونزل القرآن، فكل من لم يؤمن برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لن يدخل الجنة. . بل ولن يراها. . ولذلك جاء كلام الله دقيقا لم يظلم أحدا من خلقه.
إذن فقوله تعالى:{بلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} . . أي لا يدخل الجنة إلا من أسلم وجهه لله وهو محسن. . فقد يسلم واحد وجهه لله ويكون منافقا يظهر غير ما يبطن. . نقول إن المنافقين لم يكونوا محسنين ولكنهم كانوا مسيئين.
. لأن لهم شخصيتين شخصية مؤمنة أمام الناس وشخصية كافرة في الحقيقة أو في قلوبهم.
قوله تعالى:{مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للَّهِ} تدلنا على أن كل شيء أسلم لله لأن الوجه هو أشرف شيء في الإنسان. . فيه التمييز وفيه السمة وفيه التشخص وهو أعلى ما في الجسم. . وحينما عرفوا الإنسان قالوا حيوان ناطق أي حيوان مفكر. . وقال بعضهم حيوان مستوي القامة يعني قامته مرفوعة. . والقامة المرفوعة على بقية الجسم هي الوجه. . والإنسان مرفوع على بقية أجناس الأرض. . إذن هو مرفوع على بقية الأجناس ووجهه مرفوع عليه. . فإذا أسلم وجهه لله يكون قد أسلم أشرف شيء فيه لله. . ولذلك قيل. . أقرب ما يكون العبد لربه وهو ساجد. . لماذا؟ . . لأنه جاء بالوجه الذي رفعه الله به وكرمه. . وجعله مساويا لقدميه ليستوي أكمل شيء فيه بأدنى شيء. . فلم يبقى عنده شيء يختال به على الله.
الحق سبحانه وتعالى يقول:{فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ} . . كلمة {أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ} . . دلت على أن الله لم يجعلنا مقهورين. . ولكنه كلفنا وجعلنا مختارين أن نفعل أو لا نفعل. . فإن فعلنا فلنا أجر. . ولأن التكليف من الله سبحانه وتعالى فالمنطقي أن يكون الأجر عند الله. . وألا يوجد خوف أو حزن. . لأن الخوف يكون من شيء سيقع. . والحزن يأتي على شيء قد وقع. . ولا هذه ولا تلك تحدث عندما يكون أجرنا عند الله.