الإِنسان عليه دليلاً لأن نفسه قد اطمأنت إليه؛ لذلك ألقت أم موسى برضيعها في البحر.
ويقدّر الله أنها أم فيقول:{وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تحزني إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ ... }[القصص: ٧]
ولن يرده إليها فقط، بل سيوكل إليه أمراً جللاً. { ... وَجَاعِلُوهُ مِنَ المرسلين}[القصص: ٧]
وكأن الحق سبحانه يوضح لأم موسى أن ابنها لن يعيش من أجلها فقط، بل إن له مهمة أخرى في الحياة فسيكون رسولاً من الله. فإذا لم تكن السماء ستحافظ عليه لأجل خاطر الأم وعواطفها، فإن السماء ستحفظه لأن له مهمة أساسية {وَجَاعِلُوهُ مِنَ المرسلين} . ونلحظ أن الحق هنا لم يأت بسيرة التابوت لكنه في آية ثانية يقول:{إِذْ أَوْحَيْنَآ إلى أُمِّكَ مَا يوحى أَنِ اقذفيه فِي التابوت فاقذفيه فِي اليم فَلْيُلْقِهِ اليم بالساحل}[طه: ٣٨ - ٣٩]
ولم يقل في هذه الآية:{وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِي} ؛ لأنه أوضح لها ما سوف يحدث من إلقاء اليم له بالساحل. وقوله في الأولى:{فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ} . هو إعداد للحدث قبل أن يجيء، وفي هذه الآية:{إِذْ أَوْحَيْنَآ إلى أُمِّكَ مَا يوحى ... } إلخ تجد اللقطات سريعة متتابعة لتعبر عن التصرف لحظة الخطر. لكن في الآية الأولى:{وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تحزني إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ المرسلين} نجد البطء والهدوء والرتابة؛ لأنها تحكي عن الإِعداد. لما يكون.
إذن فالحق سبحانه وتعالى يعطي كل جنس قانوناً، وكل قانون يجب أن يُحترم