{والقمل} هو غير القَمْل. فالقَمْل هو الآفة التي تصيب الإِنسان في بدنه وثيابه وتنشأ من قذارة الثياب، أما القُمَّل فقيل هو السوس الذي يصيب الحبوب، ومفردها قُمَّلَة، وقيل هو ما نسميه بالقراد، وقيل هو الحشرات التي تهلك النبات والحرث، وحين نراه نفزع ونبحث عن تخليص الزرع منه باليد والمبيدات، وكل ذلك من تنبيهات الحق للخلق، وهي مجرد تنبيه وإرشاد ولَفْتٌ للالتفات إلى الحق.
وكذلك يرسل الله عليهم {والضفادع} ، وعندما يضع أي إنسان منهم يده في شيء يجد فيها الضفادع؛ فإناء الطعام يرفع عنه الغطاء فترى فيه الضفادع، والمياه التي يشربها يجد فيها الضفادع! {وإن فتح فمه تدخل ضفدعة في الفم} ! . فهي آية ومعجزة، وكذلك {والدم} ، فكان كل شيء ينقلب لهم دماً.
ويقال: إن امرأة من قوم فرعون أرادت أن تشرب ماء، فذهبت إلى امرأة من بني إسرائيل وقالت لها: خذي الماء في فمك ومُجيه في فمي، كأنها تريد أن تحتال على ربنا وتأخذ مياها من غير دم، فينتقل من فم الإسرائيلية وهو ماء، فإذا ما دخل فم المرأة التي هي من قوم فرعون صار دماً.
وقوله سبحانه:{مُّفَصَّلاَتٍ} أي لم يأت بها جل وعلا كلها مجتمعة مع بعضها البعض لتفزعهم دفعة واحدة وتختبرهم أيعلنون الإِيمان أم لا؟ بل جاء سبحانه بكل آية مُفصلة عن الآخرى؛ فلا توجد آية مع آية أخرى في وقت واحد، أو جاء بها علامات واضحات فيها مواعظ وعبر، مما يدل على موالاة الإِنذارات للرغبة في أن يَذّكروا، وأن يرتدعوا، فلو اذكروا وارتدعوا من آية واحدة يكف عنهم سبحانه البأس.
وأرسل سبحانه الآيات وهي: طوفان، جراد، قمل، ضفادع، دم، هذه آيات خمس في هذه آيات خمس في هذه الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها، ومن قبل قال الحق إنه