يسكنون أوروبا يعرفون أن الشرق الأوسط بالنسبة لهم مشرق.
وقلنا من قبل: إن الحق حين جاء «بالمشرق والمغرب» بصيغة الجمع كما هنا فذلك إنما يدل على أن لكل مكان مشرقاً، ولكل مكان مغرباً؛ فإذا غربت الشمس في مكان فهي تشرق في مكان آخر. وفي رمضان نجد الشمس تغرب في القاهرة قبل الإسكندرية بدقائق.
ونعلم أن سبب هذه الدورة إنما هو ليبقى ذكر الله بكل مطلوبات الله في كل أوقات الله، مثال ذلك حين نصلى نحن صلاة الفجر نجد أناساً يصلون في اللحظة نفسها صلاة الظهر، ونجد آخرين يصلون صلاة العصر، وقوماً غيرهم يصلون صلاة المغرب، وغيرهم يصلي صلاة العشاء. وبذلك تحقق إرادة الله في أن هناك عبادة في كل وقت وفي كل لحظة، فحين يؤذن مسلم قائلاً «الله أكبر» لينادي لصلاة الفجر، هناك مسلم آخر يقول:«الله أكبر» مناديًّا لصلاة الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء، وهذا هو الاختلاف في المطالع أراد به سبحانه أن يظل اسمه مذكوراً على كل لسان في كل مكان لتعلو «الله أكبر، الله أكبر» في كل مكان.
وأنت إذا حسبت الزمن بأقل من الثانية تجد أن كون الله لا يخلو من «لا إله إلا الله» أبداً: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الحسنى} . ونعلم أن كلمة «الحسنى» وصف للمؤنث، و «كلمة» مؤنثة، والكلمة هي قوله الحق:{وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الذين استضعفوا فِي الأرض وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوارثين}[القصص: ٥]
لقد قال الحق القصة بإيجاز، وهذه هي التي قالها ربنا وهي كلمة «الحسنى» لأنه سبحانه لم يعط لهم نعمة معاصرة لنعمة العدو، بل نعمة على أنقاض العدو، فهي نعمة تضم إهلاك عدوهم، ثم أعطاهم بعد ذلك أن جعلهم أئمة وهداة وورثهم الأرض:{وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الحسنى على بني إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ} .
وهم بالفعل قد صبروا على الإِيذاء الذي نالوه وذكره سبحانه من قبل حين قال: