المثل والأسوة في سيدنا الحسن البصري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - الذي أحسن لمن أساء إليه فقال كلمته:«ألا نحسن إلى من جعل الله في جانبنا» . ودائماً أضرب هذا المثل - ولله المثل الأعلى - هب أن إنساناً عنده أولاد وأساء واحد منهم للآخر. نجد قلب الأب يكون مع من أُسي إليه، وكذلك الأمر فينا نحن خلق الله. إن أساء واحد من خلق الله إلى واحد آخر من خلق الله؛ نجد رب الخلق مع من أُسيء إليه، وعلى من أسيء إليه أن يقول: هذا الإِنسان الذي أساء إلي قد جعل ربنا في جانبي ولذلك فهو يستحق أن أحسن إليه. ولهذا يقول الحق سبحانه:{الذين يَسْتَمِعُونَ القول فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}[الزمر: ١٨]
وفي آية ثانية يقول الحق:{واتبعوا أَحْسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ ... }[الزمر: ٥٥]
ويذيل الحق الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها بقوله:{سَأُوْرِيكُمْ دَارَ الفاسقين} .
ودار الفاسقين هي النار، وكأن الحق هنا يقول: سأريكم النار، ونعلم أن كل البشر سيمرون عليها ويرونها، ولكن المؤمنين سيعبرونها ويردون عليها ويدخلون الجنة. ولقائل أن يقول: ولماذا تأتي سيرة النار هنا؟ ونقول: جاءت سيرة النار ليرهب ويخيف النفس ويحملها على أن تبتعد عن كل ما أمر يقرب إلى النار. والقول هنا أيضاً لبني إسرائيل الذين نصرهم الحق على قوم فرعون وأخذوا منهم الكنوز والمقام الكريم. وكأن الحق يقول لهم: إن كنتم تحبون أن يكون مآلكم مثل مآل قوم فرعون فافعلوا مثلهم، وإن كنتم لا تريدون هذا المآل فالتزموا منهج الحق.
إذن فقوله الحق:{سَأُوْرِيكُمْ دَارَ الفاسقين} معناه حملهم على ما في الألواح من عظة، وعلى أن يأخذوه بقوة، وعلى أن يتبعة أحسن ما أنزل على الله. أو {دَارَ