فرنسا، وألمانيا، وكل مكان يكون لهم فيه تجمع خاص بهم، لا يدخل فيه أحد، ولا يأخذون أخلاقاً من أحد، وشاء الحق بعد ذلك أن قال لهم:{ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ... }[المائدة: ٢١]
فبعد أن مَنَّ عليهم بأرض يقيمون فيها، قالوا:{ ... إِنَّا لَنْ نَّدْخُلَهَآ أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فاذهب أَنتَ وَرَبُّكَ فقاتلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}[المائدة: ٢٤]
فحرم الله عليهم أن يستوطنوا وطنا واحداً يتجمعون فيه، ونشرهم في الكون كله لأنهم لو كانوا متجمعين لعم فسادهم فقط في دائرتهم التي يعيشون فيها. ويريد الله أن يعلن للدنيا كلها أن فسادهم فساد عام. ولذلك فهم إن اجتمعوا في مكان فلابد أن تتآلب عليهم القوى وتخرجهم مطرودين أو تعذبهم، وأظن حوادث هتلر الأخيرة ليست بعيدة عن الذاكرة، وقد أوضحنا ذلك من قبل في شرح قوله الحق:{وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسكنوا الأرض ... }[الإِسراء: ١٠٤]
لقد قلنا: إن السكن في الأرض هو أن يتبعثروا فيها؛ لأنه - سبحانه - لم يحدد لهم مكانا يقيمون فيه، فإذا جاء وعد الآخرة ينتقم الله منهم بضربة واحدة، ويأتي الحق بهم لفيفاً تمهيداً للضربة القاصمة:{وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأرض أُمَماً مِّنْهُمُ الصالحون وَمِنْهُمْ دُونَ ذلك} .
وهناك فريق منهم جاء إلى المدينة المنورة ووسعتهم المدينة وصاروا أهل العلم وأهل الكتاب، وأهل الثراء وأهل المال، وأهل بنايةٍ للحصون، وحين هاجر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عقد معهم معاهدة. فالذي دخل منهم في الإِيمان استحق معاملة المؤمنين، فلهم ما لهم وعليهم وما عليهم، والحق قد قال: