والأسماء الحسنى ناشئة من صفات مبالغة في العلو فيها، لأنه سبحانه الأكمل فيها وهي في الأصل صفات لها متعلقات فعلية، وهذه نوعان اثنان: نوع يطلق على الله منها اسم ومقابله، ونوع يطلق عليه الاسم ولا يطلق عليه المقابل، ونأتي بصفة شبيهة بالاشتقاق، فنقول:«غني» ، ونقول:«مغني» فهو غني في صفة ذاته قبل أن يوجد من يُغنيه، ومغني وجدت بعد وجود من يُغنيه من عباده، وسبحانه حي في ذاته، ومحيي لغيره، والإحياء صفة فعل في الغير. ولابد لها من مقابل، فنقول: محيي ومميت. ولم نقل حي ومقابله، الغير. إذن فالاسم الذي ترى له مقابلاً هو صفات الفعل، أما صفات الذات فهي التي لا يوجد لها المقابل. ويلحدون في أسماء الله أي يُميلونها إلى غير الله وينقلها الواحد منهم لغير الله أو يأتي باسِم للغير ويطلقه على الله، أو يطلق اسماً ليس له معنى أو لا يُفهَم منه أي معنى على الله. إذن «الإلحاد» يأتي في ثلاثة أشياء: إما أن ينقل أحد أسماء الله إلى غير الله، أو يأتي باسم للغير ويطلقه على الله، أو يطلق اسماً لله من غير أن يكون قد أنزله الله توقيفياً. {وَذَرُواْ الذين يُلْحِدُونَ في أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}
ونعلم أن «العمل» هو اسم للحدث من أي جارحة؛ فنطق اللسان عمل، وشم الأنف عمل، ونعلم أن هناك ما يسمى ب [قول وفعل] ، والفعل عمل الجوارح ما عدا اللسان؛ والقول عمل اللسان، والاثنان يطلق عليهما عمل، ولذلك يقول الحق: تبارك وتعالى في سورة الصف:
{لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ}[الآية: ٢] .
إذن فالقول مقابله الفعل، والجزاء هنا على الفعل والقول لأن كليهما عمل.
وإذا كان لله أسماءُ كثيرةٌ، فهل يجوز هنا لنا أن نأخذ من فعل الله في شيء اسماً له؟ وخصوصاً انه القائل:{وَعَلَّمَءَادَمَ الأسمآء كُلَّهَا ... }[البقرة: ٣١]