للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{أَوَلَمْ يَنْظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السماوات والأرض}

والتفكير هو إعمال العقل حتى لا يقولَنَّ أحد: إن رسول الله مجنون، لأن مجرد النظر في الكون يجعل الإنسان رائيا للسماء مرفوعة بلا عمد، والأرض مبسوطة والهواء يتحرك في انتظام دقيق. {أَوَلَمْ يَنْظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السماوات والأرض}

إذن فوقَنا سماء، وهناك ما فوق السماء، وتحتنا الأرض، وفيها ما تحت الأرض، وهناك بين السسموات والأرض. وما نراه في الظاهر هو ما يسمونه «مُلْك» أما الخفي عنك الذي لا تقدر أن تصل إليه بمعادلات تستخرج منها النتائج فاسمه «ملكوت» .

ويقول سبحانه في سيدنا إبراهيم: {وَكَذَلِكَ نري إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السماوات والأرض ... } [الأنعام: ٧٥]

فكلمة «ملكوت» معناها مبالغة في الملك، مثل رهبوت أي الرهبة الشديدة، ورحموت أي الرحمة الشديدة، وكلها صيغة «فعلوت» وهي صيغة المبالغة. {أَوَلَمْ يَنْظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السماوات والأرض وَمَا خَلَقَ الله مِن شَيْءٍ}

ونحن نرى السماء والأرض بوضوح، ولكن العظمة والسر ليسا في السماء والأرض فقط، بل هناك أشياء دقيقة جداً، بلغت من اللطف أنها لا تدرك بالنظر، ومع ذلك فإن فيها الحكمة العليا للخلق. وأنت قد ترى ساعة «بيج بن» الشهيرة في لندن وتكاد أن تكون أضخم ساعة في العالم، لكن الصانع المحترف من البشر صنع ساعة يد صغيرة في حجم الخاتم، وننبهر ونعجب بدقة عمله وصنعته. فما بالنا بالخالق الأعظم الذي يعظم خلقه من السموات والأرض لأنها فوق إدراكات البشر، وخلق أيضاً مخلوقات دقيقة لطيفة

<<  <  ج: ص:  >  >>