ويقول سبحانه:{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ على آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بهذا الحديث أَسَفاً}[الكهف: ٦]
ولذلك حين علم الحق علم وقوع: أن رسول الله مهتم بأمر أمته ومشغول بها وحريص على أن يشملها الله بمغفرته ورحمته وألا يسؤوه فيها، أخبره المولى عَزَّ وَجَلَّ بأنه سوف يرضيه في أمته. وقد ورد في الحديث ما يؤيد ذلك، فقد روى عبد الله بن عمرو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما «أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تلا قول الله عَزَّ وَجَلَّ في إبراهيم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ الناس فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}
وقول عيسى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:{إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ العزيز الحكيم} فرفع يديه فقال: أمتي أمتي وبكى فقال الله عَزَّ وَجَلَّ: يا جبريل اذهب إلى محمد وربك أعلم فَسَلْهُ ما يبكيه؟ فأتاه جبريل فأخبره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بما قال وهو أعلم، فقال الله تعالى: يا جبريل اذهب إلى محمد إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك»
وتأكيداً لعلم الحق تبارك وتعالى من حرص رسوله على أمته، أراد أن يكرم هذه الأمة من نوع ما كرّم به الرسول، فجاء الخطاب في آية الدعاء بدون «قل» . {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ... }[البقرة: ١٨٦]
وأراد الله أن يبين لمحمد ولأمته أن الله يعلم لا بما تسألونه فقط، بل يعلم ما سوف تسألونه عنه. لذلك نجد أربع عشرة آية تأتي فيها {يَسْأَلُونَكَ} وتكون الإجابة «قل» ، والآية الخامسة عشرة جاء فيها {يَسْأَلُونَكَ} وكانت الإجابة «فقل» لتدل على «الفاء» على أن السؤال لم يقع بعد، فكأن الفاء دلت على شرط