ذلك، وهو قول يفيد الشك - ثم لماذا يحرم الله رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من لذة مجابهة الشيطان؟ . ونعم عن ابن مسعود أنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:
«ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن، وقرينه من الملائكة. قالوا: وإياك؟ قال: وإياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير» .
وهنا يقول الحق تبارك وتعالى:{وَإِماَّ يَنَزَغَنَّكَ مِنَ الشيطان نَزْغٌ فاستعذ بالله ... } .
والاستعاذة تعني طلب العون والملجأ والحفظ وأنت لا تطلب العون ولا تلجأ ولا تستجير إلا بمن هو أقوى ممن يريد أن ينالك بشر.
ومعلوم أن الشيطان له من خفة الحركة، وقدرة التغلغل، ووسائل التسلل الكثير؛ لذلك فينبغي ألا تستعيذ بمثله أو بمن هو دونه، ولكنك تستعيذ بخالق الإنس والجن وجميع المخلوقات، وهو القادر على أن يعطل فاعلية الشيطان. وسبحانه سميع عليم، والسمع له متعلق، والعلم له متعلق، فحين تستحضر معنى الاستعاذة وأنت مشحون بالإيمان وتلجأ إلى من خلقك. وخلق ذلك الشيطان؛ عندئذ لا بد أن يهرب الشيطان من طريقك لأنه يعلم أنك تلجأ إلى الخالق القوي القادر وهو ليست له قوة على خالقه، وسبحانه سميع لقولك:«أعوذ بالله» ، عليم بما في نفسك من معنى هذه الكلمة.
وإذا كان الحق تبارك وتعالى هنا قد تكلم عن حضرة النبي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ، وقال:{وَإِماَّ يَنَزَغَنَّكَ}
أي أن الشيطان بعيد، وهو يحاول مجرد النزغ، فماذا عن أمة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إزاء هذا؟ . هنا يقول الحق تبارك وتعالى: - {إِنَّ الذين اتقوا إِذَا مَسَّهُمْ طائف ... } .