كأن القلب ليلة قيل يغدي ... بليلي العامرية أو يراح
قطاط غرها شرك تجا ... ذبه وقد علق الجناح
فالشاعرُ يصور حالة قلبه حين سمع بنبأ سفر حبيبته، كأنه صار مثل حمامة تحاولُ أن تخلّص نفسها من شبكة أو مَصْيدة وقعت فيها، إنها تجاذب المصيدة حتى تخرج، وهي ترجف في مثل هذا الموقف، هكذا حال القلب لحظة فراق المحبوبة عند الشاعر.
وإذا كان ذكر الله عَزَّ وَجَلَّ يدفع قلوب المؤمنين إلى الوجل، ألا يتنافى ذلك مع قول الحق سبحانه وتعالى:؟ {الذين آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ الله أَلاَ بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ القلوب}[الرعد: ٢٨] .
في الحقيقة لا يوجد تعارض بين القولين؛ لأن ذكر الله تعالى يأتي بأحوال متعددة، فإن كان الإنسان مسرفاً على نفسه، فهو يرجف حين يذكر الله الذي خالف منهجه. وإن كان الإنسان يراعي حق الله في كل عمل قَدْر الاستطاعة، فلا بد أن يطمئن قلبه لحظة ذكر الله؛ لأنه اتبع منهج الله ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
إذن فالخوف أو الوجل إنما ينشأ من مَهابةِ وسطوة صفات الجلال. والاطمئنان إنما يجيء من إشراقات وحنان صفات الجمال. ولذلك تجمعها آية واحدة هي قول الحق تبارك وتعالى:{الله نَزَّلَ أَحْسَنَ الحديث كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الذين يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إلى ذِكْرِ الله}[الزمر: ٢٣] .
فالجلود تقشعر خوفاً ووجَلاً ومهابة من الله عَزَّ وَجَلَّ، ثم تلين اطمئناناً وطمعاً في حنان المنّان سبحانه وتعالى، لأن رّبنا قال: