إذن هناك آيات واضحة يريدنا الله سبحانه أن نراها ونتفهمها.
. فمقام إبراهيم هو مكان قيامه عندما أمره الله برفع القواعد من البيت. . والترتيب الزمني للأحداث هو أن البيت وُجد أولا. . ثم بعد ذلك رفعت القواعد ووضع الحجر الأسود في موقعه وقد وضعه إبراهيم عليه السلام.
إن الله سبحانه وتعالى لا يريد أن يعطينا التاريخ بقدر ما يريد أن يعطينا العبرة؛ فقصة بناء البيت وقع فيها خلاف بين العلماء. . متى بني البيت؟ بعض العلماء جعلوا بداية البناء أيام إبراهيم وبعضهم يرى أنه من عهد آدم وفريق ثالث يقول إنه من قبل آدم. . وإذا حكمنا المنطق والعقل وقرأنا قول الحق تبارك وتعالى:{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القواعد مِنَ البيت وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّآ إِنَّكَ أَنتَ السميع العليم}[البقرة: ١٢٧]
نسأل ما الرفع أولا؟ هو الصعود والإعلاء، فكل بناء له طول وله عرض وله ارتفاع. . ومادامت مهمة إبراهيم هي رفع القواعد فكأن هناك طولا وعرضا للبيت وإن إبراهيم سيحدد البعد الثالث وهو الارتفاع. . إن البيت كان موجودا قبل إبراهيم. . ثم جاء الطوفان الذي غمر الأرض في عهد نوح فأخفى معالمه. . فأراد الله سبحانه وتعالى أن يظهره ويبين مكانه للناس.
والكعبة ليست هي البيت ولكنها هي المكين الذي يدلنا على مكان البيت. . إذن فالذين فهموا من قوله تعالى:{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القواعد مِنَ البيت} . . بمعنى أن إبراهيم هو الذي بنى البيت. . نقول لهم إن البيت كان موجودا قبل إبراهيم وأن مهمة إبراهيم اقتصرت على رفع القواعد لإظهار مكان البيت للناس. . ودليلنا على ذلك أنه الآن وقد ارتفع البناء حول الكعبة. . من يصلي على السطح لا يسجد للكعبة ولكنه يسجد لجوّ الكعبة. . ومن يصلي في الدور الأسفل يصلي أيضا للكعبة لأن المكان غير المكين.
ولعل أكبر دليل على ذلك من القرآن الكريم. . أن إبراهيم حين أخذ هاجر وابنها