والخميس هو الجيش الجرار، ويريد الشاعر أن يصوّر الزحف كأنه كتلة واحدة متماسكة ومترابطة، بحيث لا تستطيع أن تميز حركة جندي من حركة جندي آخر، حتى ليخيّل إليك أن الكتلة كلها تسير معاً. ومن يريد أن يتأكد من ذلك ندعو الله أن يكتب له الحج ويصعد إلى الدور الثاني من الحرم المكي الشريف ويرى الطائفين، ويجدهم ملتحمين جميعاً كأنهم كتلة واحدة تسير، ولذلك سمّوها «السيل» .
و «سالت بأعناق المطي الأباطح»
مَثلُهم مثل السيل في تدفقه لا تفرق فيه نقطة عن أخرى.
والحق تبارك وتعالى يوضح لنا هنا أن لقاء الكفار يجب أن يكون زحفاً أي كتلة واحدة متماسكة، فيصيب المشهد الكافرين بالرعب حين يرون هذه الكتلة الضخمة التي لا يفرق أحد بين أعضائها، وهكذا تكون المواجهة الحقيقية.
ويواصل الحق سبحانه وتعالى التنبيه فيقول:
{فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأدبار}[الأنفال: ١٥] .
أي لا تعطوهم ظهوركم، وهو سبحانه وتعالى في آية أخرى يقول:{وَلاَ تَرْتَدُّوا على أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ}[المائدة: ٢١] .
ويريد الله أن يعطي صورة بشعة في أذن القوم؛ لأن «الأدبار» جمع «دبر» والدبر مفهوم أنه الخلف ويقابله القُبُل، وهذا تحذير لك من أن تمكن عدوك من ظهرك أي دبرك، لأن هذا أمر مستهجن، ولذلك نجد الإمام عليا - كرّم الله