لأن من يعطي الأعداء دبره فهو الراجع عن الزحف والقتال. لكن من يرجع بهدف الكيد للأعداء والمناورة في القتال أو لتقوية جماعة أخرى من المؤمنين، فهذا له وضع مختلف تماما، إنه ناصر لدين الله، عكس المنسحب الفار الذي يصحبه في انسحابه غضب من الله، والغضب من الله - كما نعلم - هو سبب من أسباب إنزال العذاب، ولهذا يقول الحق تبارك وتعالى:
والمأوى هو المكان الذي يأوي إليه الإنسان، ونعلم أن الواحد منا حين يرغب في الراحة فهو يأوي إلى المكان الذي يجد فيه الراحة والأمن من كل سوء.
والفارُّ من مواجهة العدو في معارك الإسلام لن يجد مأوى إلا النار، بل وترحب به النار ويدور حوار بينها وبين الحق عَزَّ وَجَلَّ يوم القيامة توضحه الآية الكريمة:{يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امتلأت وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ}[ق: ٣٠] .
ويُثْبتُ الحق في قرآنه الكريم أن النار تغتاظُ من الكافرين لأنها جندٌ من جنود الله تعالى ومسخرة لتنفيذ حكم الله، فمن خالف المنهج في الدنيا تتلقاه النار بتغيظ وزفير، ويسمع الكافرون تغطيتها حين تراهم من بعد، والحق سبحانه هو القائل:{إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً}[الفرقان: ١٢] .