سبحان ربي إن أراد فلا مرد له يفوت ... كم من جريح لا يموت وغير مجروح يموت
إذن فالمؤمنون حين حاربوا أهل الكفر. إنما يجرحونهم فقط، أما الموت فهو واقع بهم من الله سبحانه وتعالى.
{فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ ولكن الله قَتَلَهُمْ}[الأنفال: ١٧] .
ولقائل أن يقول: إن الحق تبارك وتعالى قال في موقع آخر: {قاتلوهم يُعَذِّبْهُمُ الله بِأَيْدِيكُمْ}[التوبة: ١٤] .
إذن فللمؤمن المقاتل مظهرية القتال، وللحق حقيقة القتل. ولذلك يأتي سبحانه وتعالى بعد ذلك بقوله:
{وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ولكن الله رمى}[الأنفال: ١٧] .
وفي هذا القول الكريم عطاء لشيء كان مجهولا لهم بشيء عُلِم لهم، وبذلك قاس غير معلوم بمعلوم. وعرفنا من قبل أنك إذا رأيت حدثاَ أو فعلاً منفياً ومثبتا له في وقت واحد، قد يبدو لك أن في الكلام تناقضاً. وهنا - على سبيل المثال - ينفي الحق الحدث في قوله:«وما رميت» وثبته في قوله: «إذ رميت» . والرمي معروف. والفاعل هو رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فكيف ينفي عنه الفعل أولاً، ويثبته له ثانياً؟ .