واقرأ قوله تعالى:{ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إلى عَذَابِ النار} . . ومعنى أضطره أنه لا اختيار له في الآخرة، فكأن الإنسان له اختيار في الحياة الدنيا يأخذ هذا ويترك هذا ولكن في الآخرة ليس له اختيار. . فلا يستطيع وهو من أهل النار مثلا أن يختار الجنة بل إن أعضاءه المسخرة لخدمته في الحياة الدنيا والتي يأمرها بالمعصية فتفعل، لا ولاية له عليها في الآخرة وهذا معنى قوله سبحانه:{يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}[النور: ٢٤]
أي أن الجوارح التي كانت تطيع الكافر في المعاصي في الدنيا لا تطيعه يوم القيامة؛ فاللسان الذي كان ينطق كلمة الكفر والعياذ بالله يأتي يوم القيامة يشهد على صاحبه. . والقدم التي كانت تمشي إلى أماكن الخمر واللهو والفسوق تشهد على صاحبها، واليد التي كانت تقتل وتسرق تشهد على صاحبها. وقوله:«اضطره» معناه أن الإنسان يفقد اختياره في الآخرة ثم ينتهي إلى النار وإلى العذاب الشديد مصداقا لقوله تعالى: {ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إلى عَذَابِ النار وَبِئْسَ المصير} . . أي أن الله سبحانه وتعالى يحذر الكافرين بأن لهم النار والعذاب في الآخرة ليس على اختيار منهم ولكن وهم مقهورون.