للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أعلى مرتبة في النبات، وهي أول مرتبة في الحيوان، لكنها لا ترتقي إلى حيوان. بل تظل في حلقتها كنبات.

ونأتي إلى الحيوانات لنجدها ترتقي، فهناك حيوانات تستأنس، وحيوانات لا تستأنس، بل تظل متوحشة، وقد خلقها ربنا لحكمة ما. فالإنسان يستأنس الجمل ولا يستطيع أن يستأنس الثعبان، ولا البرغوث، كأن الله يريد بذلك أن يعلمنا أننا لم نستأنس الحيوانات التي نستأنسها بقدرتنا وبذكائنا؛ بل هو الذي جعلك تأنس بها، فأنت أنست بالجمل، وقد ترى البنت الصغيرة وهي تقوده، وتأمره بالقيام والقعود، بينما البرغوث الصغير قد يجعل الإنسان ساهراً طوال الليل لا يعرف كيف يصطاده. إذن هذه الأمور تعطينا حكمة أوجزها الحق تبارك وتعالى في قوله: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ أَنْعاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ} [يس: ٧١ - ٧٢] .

ولو لم يذلل الحق تبارك وتعالى هذه المخلوقات، لما استطاع الإنسان تذليلها، ونرى المخلوق الصغير وقد عجز الإنسان أمام تذليله، ليعرف أن المذلل ليس الإنسان، بل المذلل هو الله سبحانه وتعالى.

وفي المستأنس من الحيوانات تجد نوعاً تُعوده على بعض الأشياء فيعتادها ويقوم بها مثل القرد الذي يقول له مدربه اعجن عجين الصبية، أو العجوزة، فيقلد القرد الصبية أو «العجوزة» ؛ لأن فيه قابلية التقليد، فهو يملك درجة من الفهم وهو أعلى مرتبة في الحيوان، ويقف عندها ولا يتطور إلى خارجها، بدليل أنك إن علمت قرداً كل شيء، فهو يصنع ما تعلمه له من الحركات ويضحك الناس منه، لكن القرد لا يستطيع أن يعلمها لبني جنسه. وكذلك نجد من يدرب الأسد والنمر ليؤدي

<<  <  ج: ص:  >  >>